دانت معظم بلدان أميركا اللاتينية إقالة رئيس الباراغواي فرناندو لوغو، التي أعلنها البرلمان ونصّب بدلاً منه نائب الرئيس فيديريكو فرانكو، وأجمعت القارة كلها تقريباً على اعتبارها «غير شرعية». وأقر مجلس شيوخ الباراغواي ب39 صوتاً من 43 من أعضائه الحاضرين، إقالة لوغو وتنصيب فرانكو. واتهم لوغو (61 سنة) الذي أصبح أول رئيس يساري للباراغواي منذ 62 عاماً، وتنتهي ولايته بعد عام ونيف بأنه «أساء إنجاز مهامه» بعد صدامات أودت بحياة 11 مزارعاً لا يملكون أراضيَ و6 شرطيين في عملية تهدف إلى طرد محتلي أرض زراعية في 15 حزيران (يونيو) الجاري شمال شرقي البلاد. وقبل إعلان إقالة لوغو رسمياً، سارع رئيس الاكوادور رافايل كوريا إلى القول إنها خطوة «غير شرعية»، مؤكداً في تصريح إذاعي أن بلاده لن تعترف بالرئيس الجديد. وفي كراكاس، وصف الاشتراكي الراديكالي هوغو تشافيز أيضاً الرئيس فرانكو بأنه «غير شرعي». وفي بيان صدر عن الرئاسة قال تشافيز أن «فنزويلا لن تعترف بالحكومة التي لا تساوي أي قيمة في اسونسيون، انها غير قانونية وتفتقر إلى الشرعية». وندد رئيس يساري راديكالي آخر هو رئيس بوليفيا ايفو موراليس، بما قال إنه «انقلاب برلماني»، موضحاً أيضاً أن بلاده «لن تعترف بحكومة لا تنبثق من صناديق الاقتراع». كما دانت رئيسة الأرجنتين كريستينا كريشنر شريكة الباراغواي في مجموعة مركوسور، السوق المشتركة في أميركا الجنوبية، ما اعتبرته «انقلاباً مرفوضاً»، معربة عن أسفها من ان «الاعتداء على المؤسسات يعيدنا إلى أوضاع ظننا أنها ولّت نهائياً في أميركا الجنوبية». وفي سانتياغو انضم وزير الخارجية التشيلي ألفريدو مورينو إلى التنديد العام معتبراً أن المحاكمة التي خلصت إلى إقالة رئيس الباراغواي كانت متسرعة «ولم تتوافر فيها أدنى معايير» هذا النوع من الإجراءات. وفي ليما، اعتبر رئيس البيرو اويانتا هومالا أن إقالة لوغو تشكّل «نكسة للديموقراطية في المنطقة وتفرض على بلداننا أن تظل على يقظة» معرباً عن «تضامنه». كذلك دانت كوستاريكا إقالة لوغو، وقال وزير خارجيتها انريكي كستيو في بيان إنها «تبدو وكأنها انقلاب». من جانبها، استذكرت رئيسة البرازيل ديلما روسيف أن بروتوكولات مجموعة «اوناسور» التي كان لوغو يتولى رئاستها، تنص على أنه «إذا وقع انتهاك للنظام أو انتهاك للديموقراطية»، فتجب «معاقبة (البلد المعني) بمنعه من المشاركة في الهيئات المتعددة الأطراف»، لكنها أوضحت أن هذه الإمكانية لم تناقش في شأن الباراغواي. إلى ذلك، دعت الولاياتالمتحدة الباراغويين إلى الهدوء والتصرف بمسؤولية. وإضافة إلى استنكار بلدان أميركا اللاتينية، أثارت إقالة لوغو المفاجئة ردود المنظمات الإقليمية، فقد دعا برلمان أميركا الوسطى (برلسان) المجتمع الدولي إلى رفض قرار مجلس شيوخ الباراغواي الذي اعتبره «انقلاباً» على رئيس شرعي. كذلك عقدت منظمة الدول الأميركية جلسة طارئة أعرب فيها أمينها العام خوسيه ميغل أنسولسا عن ريبته أن تكون سلطات الباراغواي «تحترم حق الدفاع عن النفس وتنظم محاكمة نزيهة». لكن رئيس الاكوادور رافايل كوريا اقترح أن ترفض «أوناسور الاعتراف بالحكومة الجديدة وربما أن تذهب حتى إلى حد غلق الحدود». جرح عميق وفور الإعلان عن إدانة الرئيس بعد المحاكمة، تجمّع آلاف من أنصاره في «ساحة الأسلحة» في العاصمة أسونسيون للتعبير عن غضبهم. وهاجم محتجون قوات الأمن التي ردت مستخدمة الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وتفرق الحشد بسرعة، لكنه عاد تدريجاً للتجمّع أمام البرلمان محترماً دعوة الرئيس المخلوع إلى «عدم إهراق دماء الصالحين». وقال لوغو في تصريحات أدلى بها في مقر الرئاسة بعد ذلك: «أرضخ لقرار الكونغرس»، مؤكداً أن «تاريخ الباراغواي وديموقراطيتها أصيبا بجرح عميق». وزاد: «أنسحب اليوم كرئيس ولكن ليس كمواطن في الباراغواي»، داعياً أنصاره إلى الهدوء، ثم غادر المبنى بموكب متوجهاً إلى جهة لم تعرف. وكان لوغو يوصف بأنه «أسقف الفقراء»، وقد ترك العمل الديني قبل سنتين من انتخابه. وهو خضع لمعالجة ناجحة لسرطان في الجهاز اللمفاوي، كما أعلن أنه لن يترشّح لانتخابات نيسان (أبريل) 2013. وحاول لوغو من دون جدوى إبطاء الإجراءات ضده، فقدّم إلى المحكمة العليا طلباً «بتعليق القضية السياسية إلى أن تقدم له الضمانات الدستورية للدفاع عن نفسه». وقبل قرار الكونغرس، دان لوغو في تصريح لإذاعة أرجنتينية هذه الخطوة، معتبراً أنها «انقلاب برلماني في شكل إجراء قانوني»، مؤكداً أنه «سيقاوم عن طريق منظمات أخرى».