دعا الرئيس المصري محمد مرسي مؤتمر المعارضة السورية المنعقد في القاهرة إلى اتخاذ «خطوات عملية» تؤدي إلى «انتصار كفاح الشعب السوري وتحقيقه لكل مطالبه المشروعة والعادلة»، فيما نوّه وزير خارجية العراق هوشيار زيباري ب «كفاح الشعب السوري المستمر (...) من أجل التخلص من نظام شمولي»، وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أطياف المعارضة السورية بضرورة الارتفاع إلى مستوى تضحيات الشعب السوري، والإسراع بالتوحد والسمو على أي خلافات حزبية. وقال العربي، في كلمته في افتتاح مؤتمر المعارضة السورية بالقاهرة أمس تحت رعاية الجامعة «إن أمام المؤتمر فرصة يجب المحافظة عليها»، محذراً من تضييعها. وأضاف: «إن تضحيات الشعب السوري أكبر منا جميعاً، وأكبر من أي خلافات حزبية، وأنه يجب عدم إعطاء الفرصة للمشككين في قدرة المعارضة على التوحد، ولذا يجب توحيد الصفوف». ولفت العربي إلى أن «مجلس الجامعة يسعى إلى التوجه بخطة النقاط الست التي وضعها المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار ملزم بها». وشدد على أن الجامعة منحازة لخيارات الشعب السوري في الحرية والتغيير السلمي، والحفاظ على وحدة سورية، داعياً إلى توحيد صف المعارضة. وقال: «إنه ليس لدى الجامعة أي أجندة سياسية تحاول فرضها على المعارضة السورية، كما ستكون مظلة للمعارضة السورية جميعها من أجل الانتقال إلى سورية الحرة العربية الديموقراطية التعددية والتي نتطلع جميعاً إليها». ونوّه العربي بعمل اللجنة التحضيرية لاجتماع المعارضة إذ «استطاعت تجاوز العديد من نقاط الخلاف، وأعدت مشاريع الوثائق، والمطلوب الآن المحافظة على هذا الزخم». وأشار إلى أن الحكومة السورية لم تلتزم بتعهداتها للجامعة، ولجأت إلى الخيارات العسكرية مما دفع البعض للدفاع المشروع عن النفس، مؤكداً أنه لا يمكن المساواة بين ما تقوم به القوات الحكومية وما تقوم به بعض المعارضة. فالقوات الحكومية هي التي تبدأ وتستخدم الأسلحة الثقيلة. وقال العربي إن قرار مجلس الجامعة واضح في وضع خطة خريطة الطريق لحلِّ الأزمة السورية من خلال تفويض الرئيس السوري لنائبه التفاوض مع المعارضة على أن تتولى الحكومة السورية الانتقالية الإعداد لانتخابات نزيهة. وكان الرئيس المصري محمد مرسي وجَّه كلمة إلى المؤتمر ألقاها وزير الخارجية محمد عمرو رحَّب فيها باجتماع المعارضة في القاهرة مذكراً بالتاريخ الطويل الذي يربط الشعبين المصري والسوري، وقال: «إن كل محطة مضيئة في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية كانت دائماً محصلة التقاء كفاح الشعبين الشقيقين، فحررنا بيت المقدس بقيادة صلاح الدين، وهكذا أوقفنا الغزو المغولي، وهكذا خضنا معاً حرب التحرير العظيمة في أكتوبر 1973». وشدد على أن «سورية لمصر هي الامتداد المباشر للأمن القومي المصري، والعكس صحيح». وقال: «إن الشعب السوري يناضل ببسالة مبهرة، ويدفع ضريبة الدم من خيرة أبنائه وزهرة شبابه، في مواجهة آلة قمع مجرمة، لا تستثني مدنياً ولا شيخاً أو طفلاً أو امرأة، طلباً للحرية والعدالة والديموقراطية والكرامة الإنسانية». واعتبر مرسي «تضامن الشعب المصري مع شقيقه السوري واجب أخلاقي بمثل ما هو ضرورة استراتيجية». وقال: «إن باب مصر مفتوح دائماً لأبناء سورية الشقيقة الموجودين اليوم بالآلاف في بلدهم مصر، يعيشون فيه بكل حرية، ويعبرون فيه كل يوم، ومن قلب ميدان التحرير، عن نفس المطالب التي يعبر عنها أشقاؤهم في ميادين التحرير المختلفة في كل مدينة وقرية سورية، فهمُّنا واحد، ودعم أشقائنا واجب على كل عربي ومسلم. ومصر كما عهدتموها دائماً، لا تخذل شقيقاً، ولا تنكص عن نصرة أخ عربي». وطالب مرسي المؤتمر ب «وضع آلية واضحة لمتابعة العمل والنضال المشترك، تجمع كافة أطياف الشعب السوري المجاهد، وتحول المبادئ والاستراتيجيات التي يتم الاتفاق عليها، إلى خطوات عملية تقرب اليوم المنشود، الذي سنحتفل فيه جميعاً بانتصار كفاح الشعب السوري وتحقيقه لكل مطالبه المشروعة والعادلة». وأكَّد وزير الدولة للشؤون الخارجية في قطر خالد بن محمد العطية الذي ترأس بلاده اللجنة العربية الوزارية المعنية بمتابعة الأزمة السورية دعم قطر الكامل لكل ما من شأنه إخراج سورية من محنتها الأليمة الحالية، داعياً في الوقت نفسه أطراف المعارضة السورية إلى تحمل كافة مسؤولياتها في سبيل مساعدة الشعب السوري على تحقيق أهدافه المشروعة من أمن واستقرار وازدهار. وأكد العطية في كلمته أن المؤتمر يكتسب أهمية كبرى بالنسبة لسورية للخروج من محنتها التي لا تزال تقود إلى استمرار المعاناة المؤلمة للشعب السوري بجميع فئاته ومكوناته. وأشار إلى الاجتماعات العديدة لأطياف وفئات المعارضة، وقد تباينت الرؤى وقال إن «طلب توحيد المعارضة لم يرد في أذهاننا لعلمنا أن تحقيق ذلك يعد ضرباً من الخيال». ودعا في المقابل إلى «توحيد رؤى المعارضة الآن في شأن استشراف مستقبل سورية ولمصلحة الشعب السوري، بل ينبغي أن يكون هدفاً للجميع وهذا ما ينتظره الشعب السوري من كافة أطياف وفئات المعارضة»، داعياً إلى تخلي كافة الفرقاء عن اختلافاتهم ووضع خريطة طريق تحدد ملامح المرحلة المقبلة تبني على قرارات الجامعة والأمم المتحدة. زيباري: للتخلص من النظام الشمولي من جانبه، أكَّد وزير خارجية العراق هوشيار زيباري الذي ترأس بلاده القمة العربية أن المعارضة السورية تمر في مرحلة صعبة ودقيقة من تاريخها بعد مرور ما يقارب الخمسة عشر شهراً من كفاح مستمر ومن دون هوادة في التعبير عن آمال وطموحات الشعب السوري من أجل التخلص من نظام شمولي لم يتوان عن استخدام كل وسائل القمع لمجابهة التظاهرات والاحتجاجات السلمية ولم يتورع عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأخيراً دك المدن بالأسلحة الثقيلة والطائرات من دون أي اكتراث لحياة السكان الأبرياء لا سيما النساء والأطفال، بخاصة ما حصل في الحولة وغيرها. وقال إن هدف توحيد المعارضة والتوصل إلى اتفاقات ورؤى مشتركة مسؤولية وطنية عليا تتعالى على الاهتمامات الفئوية والشخصية وتسمو على الانتماءات العرقية والمذهبية، من أجل أن تتمكن من توجيه رسالة واحدة إلى العالم أولاً، ومن أجل تقديم بديل ذي مصداقية قادر على تحمل مسؤولية إخراج سورية من أزمتها الحالية وبناء الدولة السورية الديموقراطية التي تضع الإنسان وكرامته في مقدم اهتماماتها. ودعا زيباري إلى توحيد الجهود والعمل على أن تكون المعارضة السورية ممثلة تمثيلاً شاملاً لكل مكونات الشعب السوري وأطيافه من دون تهميش أو إقصاء لأية فئة لتتمكن من أن تقدم نفسها بديلاً ذات مصداقية يحمل تصوراً كاملاً لبناء دولة سورية الحديثة. ولفت زيباري إلى أن مجلس الأمن هيئة سياسية تعبر عن مصالح الدول الأعضاء في هذه المنطقة ولا سيما للخمسة الدائمين بكل ما يحمله ذلك من تناقضات، ولكنه بالتأكيد سيتعامل في شكل أفضل لو كانت المعارضة السورية موحدة ورسالتها إلى العالم واحدة. وشدد زيباري على أن العراق لم يكن محايداً بين المعارضة والنظام كما تصور البعض، ولم يكن ضد المعارضة والثورة السورية، لكننا نقول إن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره بملء إرادته، داعياً إلى الشروع الفوري في حوار وطني يضم جميع الأطراف في عملية سياسية انتقالية لتحقيق تطلعات الشعب نحو الديموقراطية ولتقرير مصيره بنفسه. الشيخ صباح خالد الصباح ودعا نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة جميع المشاركين إلى تحمل المسؤولية التاريخية في هذه اللحظة العصيبة التي يمر بها الشعب السوري والعمل على تحقيق وحدة الصف وتقديم التنازلات لمصلحة وطن جريح يتطلع شعبه نحو تحقيق أهدافه المشروعة في الحرية والديموقراطية. ولفت إلى أن «استمرار الأحداث الدامية في سورية مع خطورة انزلاق الأوضاع هناك نحو منزلقات تنذر بعواقب وخيمة على وحدة سورية شعباً وأرضاً، وتهدد ليس فقط الأمن والاستقرار في سورية، وإنما المنطقة ككل، وتشكِّل تهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي». وأعرب عن الأمل في أن يخرج هذا الاجتماع بوثيقة تتفق عليها كافة قوى المعارضة السورية لتشكيل رؤية مشتركة تحدد الأولويات وتعطي رسالة اطمئنان إلى الشعب السوري في الداخل والمجتمع الإقليمي والدولي من أن المرحلة الانتقالية في سورية ستستجيب لتطلعات الشعب السوري وآماله. ومن ناحيته، حيَّا وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو الثوار في المناطق الثائرة في سورية وشكر الجامعة على نجاحها في عقد المؤتمر وقال أن التنسيق مع الجامعة العربية أدى إلى بلورة رؤية مشتركة ولفت إلى أن «ما تمر به سورية هو عمل من أعمال الإرهاب، وأن عملية التغيير ليست عملية سهلة ولا بد من المثابرة والكفاح»، وأضاف أن «لا أحد يلوم الشعب على ثورته وأن العالم كله لا يقبل باستمرار هذا الوضع الراهن ونتطلع لتغييره». وطالب أوغلو المعارضة «بتوحيد مواقفها وأن تتحدث بصوت واحد»، مؤكداً أن نتائج الاجتماع ستعرض على مؤتمر أصدقاء الشعب السوري بباريس الجمعة المقبل. وقالت الناطقة باسم لجان التنسيق المحلية السورية ريما فليحان: «إن تشتتنا كمعارضة لا يتماشى مع حجم التضحيات السورية». وأشارت في كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية إلى الكثير من الأخطاء في الدعوات وكثير من الشخصيات لم تحضر، بالإضافة إلى الأخطاء. وأكدت أن ظروف المرحلة منعت بعض معارضي الداخل من المشاركة.