شهدت الخرطوم والولايات السودانية أمس هدوءاً حذراً بعد يوم من تظاهرات أطلق عليها ناشطون «جمعة لحس الكوع». وحمّلت المعارضة حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد، بينما اعترفت الحكومة بثقل «خطة التقشف» على مواطنيها لكنها اتهمت تحالف المعارضة باستغلال احتجاجات الناشطين والشباب لحملها إلى السلطة. وقال الأمين العام لحزب الأمة المعارض إبراهيم الأمين في ندوة صحافية في الخرطوم أمس إن الحزب الحاكم يتحمّل مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد، واتهمه بالانفراد بالسلطة وعدم الرغبة في تقديم تنازلات لتحقيق مصالحة وطنية. ورأى أن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسبوعين مبررة لأن الحكومة تخلّت عن مسؤوليتها وزادت الأعباء على المواطن. كما دعا مساعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض إبراهيم السنوسي الحزب الحاكم إلى أن يتصالح مع نفسه أولاً قبل المصالحة الوطنية، موضحاً أن البلاد دخلت مرحلة خطيرة وباتت مهددة بالتشظي بسبب ممارسات النظام الحاكم. ولفت إلى أن الحكومة لا ترغب في حوار القوى السياسية أو الحركات التي تحمل السلاح في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. لكن مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم إبراهيم غندور الذي تحدث في الندوة أقر بأن الشعب يعاني من «خطة التقشف»، وقال إن المعارضة لم تقدّم بديلاً مقنعاً. وقال إن الاحتجاجات المستمرة وراءها شباب وناشطون يعبرون عن أنفسهم لكن المعارضة تحاول استغلالهم والصعود على أكتافهم، مؤكداً أن الحكومة جادة في تحقيق مصالحة وطنية غير أن المعارضة ترى أن المصالحة تعني وجودها هي في السلطة. إلى ذلك، أكد وزير الإعلام السوداني غازي الصادق أن حق التعبير السلمي المنضبط حق كفله القانون والدستور لجميع المواطنين ويمكن ممارسة التعبير الديموقراطي في حدود القانون خصوصاً أن السودان «شهد تجربة ديموقراطية تعددية بإجراء انتخابات حرة». وقال الصادق في تصريح بثته وكالة السودان للأنباء الرسمية: «إن حق التعبير السلمي مكفول من دون اللجوء للعنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وزعزعة الأمن والاستقرار حتى لا تمكن هذه الاحتجاجات جهات جاهزة متربصة بالسودان ولا تريد له النماء والاستقرار أن تستخدمها في تنفيذ أجندتها ضد البلاد». وكانت مناطق عدة في ولاية الخرطوم وولايات أخرى شهدت الجمعة خروج تظاهرات متفرقة تطالب بالحرية والعدالة وإسقاط نظام الحكم، وقالت الشرطة في بيان إنها احتوتها من دون وقوع أي خسائر في الأرواح فيما تم القبض على بعض مثيري الشغب و «سيتم تقديمهم للمحاكمة». وأكدت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات أمس اعتقال المئات من الناشطين والسياسيين والصحافيين والقانونيين في العاصمة الخرطوم والولايات في الاحتجاجات ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار. وتحدثت عن إصابة العشرات في «جمعة لحس الكوع» بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز والضرب بالهراوات. وقال منسق الهيئة فاروق محمد إبراهيم إن السلطات مارست عنفاً مفرطاً وانتهكت حق المواطنين في التظاهر السلمي.