اندلعت تظاهرات غاضبة في مدن ولاية الخرطوم الثلاث وأربع مدن في الولايات أمس في «جمعة لحس الكوع» تندد بالغلاء وتطالب بالحرية والعدالة وإسقاط نظام الرئيس عمر البشير. وتصدت الشرطة للمتظاهرين وأطلقت الغاز المسيل للدموع والهراوات واعتقلت العشرات وسط انتشار كثيف لقوى الأمن والشرطة. وبدا لافتاً انطلاق التظاهرات من مسجدي طائفتي الأنصار في أم درمان والختمية في الخرطوم التي يستند إليهما حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي والحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني الذي يشارك حزبه في السلطة. وخرج نحو 300 من المصلّين من مسجد ود نوباوي في أم درمان يهتفون «حرية - سلام - عدالة» و «يا الخرطوم ثوري ضد الحكم الدكتاتوري» و«الشعب يريد إسقاط النظام». لكن الشرطة تصدت للمتظاهرين خارج فناء المسجد مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريقهم، ما أدى إلى اختناق مصلين من كبار السن. وتفرّق المتظاهرون في الشوارع المحيطة بالمسجد وأضرموا النيران في إطارات سيارات وسط أحد الشوارع القريبة. كما خرجت تظاهرات مماثلة في حي أم بدة في أم درمان، وشمبات والحاج يوسف في الخرطوم بحري، والكلاكلة في جنوبالخرطوم، والأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان في غرب البلاد، وكسلا عاصمة ولاية كسلا، والقضارف عاصمة ولاية القضارف في شرق السودان، ومدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط البلاد. وشددت السلطات الإجراءات الأمنية في محيط محطات الوقود والبنايات الحكومية. ولوحظ أن السلطات احتوت التظاهرات الغاضبة بعد استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت، واعتقلت عشرات الشباب المعارضين من مجموعات شبابية وقوى معارضة في الخرطوموالولايات. وكان نشطاء دعوا على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تظاهرات عقب صلاة الجمعة احتجاجاً على الغلاء وكذلك المناداة بالحرية والعودة إلى الحكم الديموقراطي وإسقاط النظام. واستمد الناشطون تسمية «جمعة لحس الكوع» من قياديين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم قالوا إن من يفكر بإسقاط النظام كمن يحاول لحس كوعه. واتهم الناشطون شركات الاتصال بقطع خدمة الإنترنت ساعات منتصف ليل الخميس لمنع تواصل المدوّنين وحجب مواقع إلكترونية، فيما بثت مجموعات إلكترونية موالية للحكومة السودانية رسائل للتقليل من فاعلية الاحتجاجات وتحمل تحذيراً مبطناً برصد الناشطين واعتقالهم. وفي خطوة لافتة، قالت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة وغالبيتها من السلفيين إن خروج الناس سلمياً حق مشروع، وأشارت إلى رفضها البطش والقمع. وكان وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد قال إنه تلقى أوامر مباشرة من نائب رئيس الجمهورية الحاج ادم للتعامل مع الاحتجاجات وحماية المواطنين ممن اسماهم بالمخربين. ووجه الحاج آدم يوسف وزارة الداخلية بتكثيف الجهود ل «توفير الأمن والاطمئنان للمواطنين»، كما وجه بالتعامل مع المواطنين وفق القانون «حفظاً لحقوقهم الدستورية في التعبير، وأمنهم واستقرار البلاد وحمايتها ضد المخربين». وقال وزير الداخلية إنه نقل إلى الحاج آدم تطورات الأوضاع الأمنية، مؤكداً عدم استجابة المواطنين لدعاة التخريب الذين كانوا يستهدفون استقرار وأمن السودان. وحضت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي السلطات السودانية على تجنب «القمع المشدد» تجاه التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أسبوعين. وقالت، في بيان، إن «الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية وأساليب القمع الأخرى لن تمثل حلاً للمظالم والإحباط الذي يعاني منه الناس».