برز إجماع في افتتاح الملتقى الاقتصادي التركي – العربي السابع في إسطنبول أمس، على ضرورة الاستمرار في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول العربية وتركيا، بعد خطوات لافتة حققها الطرفان في السنوات الأخيرة. وترجم هذه الإجماع وزير المال التركي محمد شمشك الذي مثّل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في رعاية الملتقى، مؤكداً «توق تركيا إلى تعزيز علاقاتها مع العالم العربي وشمال أفريقيا»، لافتاً إلى أن «السنوات العشر الماضية كانت مثمرة ومثيرة للحماسة، وسيشهد العقد المقبل تحسناً في العلاقات». وأشار إلى أن «العالم العربي أعطى تركيا قوة أكبر». وطغت على أجواء الافتتاح التحوّلات التي أفرزها «الربيع العربي» في بعض الدول العربية، ورأى شمشك أن أنقره «متحمسة جداً» بشأنه، متوقعاً أن «يجلب مزيداً من الاستقرار على المديين المتوسط والبعيد على رغم بعض الشكوك والأضرار». لذا شدّد على ضرورة «إدارة المرحلة الانتقالية في شكل جيد كي تتحقق التوقعات والحفاظ على حكم القانون وحماية سيادة أراضي كل الدول المعنية». وقال: «يجب أن يكون الشعب القوة المحركة». وأعلن أن تركيا «وقعت اتفاقات تجارة حرة مع دول كثيرة في المنطقة»، لكن رأى ضرورة زيادتها «بهدف تعزيز التنافس والإبداع والفاعلية». نظمت الملتقى مجموعة الاقتصاد والأعمال بالتعاون مع الحكومة التركية ممثلة بوزارة المال ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية وجامعة الدول العربية، وأعلن الرئيس التنفيذي للمجموعة المنظمة رؤوف أبو زكي، أن سنة ونيفاً «مرت على انطلاقة الربيع العربي ويُعقد اللقاء في ظل حال من الاضطراب والتحول في المنطقة، تؤشر في مضامينها إلى أن المرحلة الانتقالية نحو رسوخ الأنظمة السياسية الديموقراطية الجديدة في العالم العربي وعودة العافية الاقتصادية، لن تكون سهلة أو سريعة». لكنه رأى أن «التحول المأمول يستأهل الانتظار والتضحية لو أردنا أن يصبح العالم العربي جزءاً حقيقياً من النظام العالمي الحديث». الجامعة العربية وأكد سفير جامعة الدول العربية محمد فاتح الناصري، أهمية «تلازم هذا المسار السياسي والاقتصادي وضرورة العمل على التئام شمل أصحاب القرار السياسي والاقتصادي والمالي ورجال الأعمال الأتراك والعرب في اجتماعهم السنوي لملتقى الاقتصاد التركي والعربي ومنتدى التعاون العربي- التركي لوزراء الخارجية من الجانبين، وحاولنا هذه السنة لكن الظروف حالت دون ذلك». واعتبر الناصري، أن الصحوة العربية أو ما يطلق عليه الربيع العربي «يؤكد توق الشعوب إلى حياة كريمة وإرادة الشباب في وظائف والمشاركة في بناء مستقبل زاهر، ويقتضي ذلك تنمية اقتصادية وإصلاحاً اقتصادياً وسياسياً». وأمل وزير المال التونسي حسين ديماسي، بأن «يشكل الملتقى دافعاً لدعم التعاون الثنائي بين تركيا والعالم العربي، وأن يكون اللقاء المقبل في تونس للتعمق في هذا النمط من الحوار المفيد». وتمنّى وزير المال اليمني صخر الوجيه، أن «يحمل الربيع العربي معه الاستقرار السياسي إلى الدول العربية، وأن تلعب تركيا دوراً حيوياً في ترسيخ الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي». ولاحظ وزير المال العراقي رافع العيساوي، أن «المستثمرين الأتراك والشركات التركية يتقدمون على غيرهم في مجال القطاعات الاستثمارية». ونوه وزير الاقتصاد والمال القطري يوسف حسين كمال بمستوى الحضور العربي وحجمه في الملتقى، ورأى ضرورة أن «تتخذ الحكومة التركية مزيداً من الإجراءات لضمان استمرار إقامة مثل هذه المناسبات التي تُعرض خلالها الفرص الاستثمارية في تركيا». وشدد على أهمية موقع تركيا «كبوابة للدول الأوروبية التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي وتتمتع بفرص كبيرة في مجال البنية التحتية». واعتبر شمشك، أن الربيع العربي «مهمة كبيرة واختبار كبير، وما يحصل حولنا سيجلب الاستقرار والنمو والعدالة». وتحدث عن الاقتصاد العالمي وتأثيره على تركيا، وقال: «يترتب على تركيا إدارة عملية التباطؤ الاقتصادي خصوصاً أنها كانت تأثرت بالأزمة العالمية». أساسات اقتصادية قوية لكن أوضح أن «تمتع تركيا بأساسات اقتصادية قوية ساعد في التعامل السريع والفاعل مع الأزمة». وكشف عن أن تركيا «تمكّنت من إيجاد 3.7 مليون وظيفة في وقت خسرت فيه أوروبا نحو 20 مليون وظيفة». وعن تطور العلاقات العربية - التركية، أشار إلى أن صادرات تركيا إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «ارتفعت إلى 27 في المئة عام 2011 ، في حين تراجعت حصة أوروبا من الصادرات التركية من 57 في المئة عام 2002 إلى 40 في المئة حالياً». وأعلن أن المنطقة العربية «استقبلت في السنوات العشر الماضية، استثمارات خارجية مباشرة بلغت قيمتها 546 بليون دولار، منها 4 بلايين من تركيا. في حين بلغت الاستثمارات المباشرة من المنطقة إلى تركيا 14 بليون دولار»، معتبراً أن هذه الأرقام «بعيدة عن الطموحات والفرص المتاحة كبيرة».