لم تخل حياته من المنغصات، ولكن الغلبة دائماً كانت لعزيمته القوية وحرصه على أسرته. يذهب كل صباح لكسب رزقه في حراج البضائع المستعملة، وما يقبضه كان معظمه يذهب في علاج أبنائه الثلاثة. كان قنوعاً وصبوراً ومؤمناً بأن وجود أبنائه معه وقدرته على علاجهم نعمة من الله يجب عليه شكرها، ولم يدر في خلده أن المستقبل يخفي له أياماً تحتاج إلى كثير من المكابدة والصبر. فجأة ساءت الأوضاع، إذ تتابعت الأمراض على «أبو فهد» في فترة وجيزة، فوجد نفسه معتمداً على العكاز في المشي، ناهيك عن اليأس الذي تمكن منه بعد أن بات بلا مصدر دخل، وبالتالي عاجزاً عن الاهتمام بأسرته. ويقول أبو فهد: «لدي خمسة أبناء، اثنان منهم مصابون بمرض وراثي ويتلقيان علاجهما بانتظام، أما الثالث واسمه فهد (18 ربيعاً) فيعاني من انسداد في الأوعية الدموية، ما اضطرنا قبل سنوات عدة إلى علاجه في الخارج، لكن المضاعفات الخطيرة للأدوية التي كان يتناولها أجبرتنا على التخلي عنها». ما يؤرق أبو فهد هو حالة ابنه البكر، «حاله تستدعي العودة إلى بريطانيا لمواصلة العلاج، لكن وضعي المادي لا يساعدني على ذلك، خصوصاً بعد أن أصبحت بلا دخل ثابت»، لافتاً إلى أن كلفة العلاج باهظة، إذ تصل إلى 75 ألف ريال. ويؤكد أنه يخاف أن يتطور مرض ابنه ويصعب علاجه مع مرور الزمن. ونتيجة لعدم قدرته على إيجاد مصدر دخل، اضطر أبو فهد إلى الاقتراض، ومع الوقت تفاقمت الديون، حتى بلغت قرابة 300 ألف ريال، «أعتمد في سد جوع أبنائي على ما يصرف لي من الضمان الاجتماعي لكل ابن (850 ريال فقط)»، مشيراً إلى أنها لا تكفي، خصوصاً أن معظمها يذهب في تكاليف العلاج. ولا يزال أبو فهد يكابد الألم، بين إعاقة تتعبه في حياته، وبين أبناء ينتظرون الأمل من والدهم، وعلى رغم كل تلك الظروف والمآسي التي يعيشها أبو فهد وأسرته، بدءاً بأبنائه الذين يقاسون الإعاقة بلا علاج وانتهاء بالديون التي تثقل كاهله، إلا أنه لا يكف يردد أن الأمور ميسورة. أما الحالة التي يقاسيها فتبدو سوداوية، لكن روحه المتفائلة، ولسانه الذي يلهج بالشكر والحمد لله توحي بأن عزيمته أقوى من المرض، لذا يؤكد أن أزمته بتوفيق الله ثم تعاون فاعلي الخير، لن تدوم طويلاً.