تلقت خطة ضبط الوضع الأمني في لبنان، في اليوم الأول من انطلاقها أمس في إطار ما سمي بالشهر الأمني، صفعة قوية، من مجموعات شبابية منظمة انتشر أعضاؤها عند بعض المفترقات والشوارع الرئيسة من العاصمة بيروت وقطع بعضهم ممن كانوا على متن دراجات نارية طريق مطار رفيق الحريري الدولي لدقائق بالإطارات المشتعلة للمطالبة بالإفراج عن أحد المتهمين بالهجوم على مبنى تلفزيون «الجديد» ليل الإثنين الماضي، الموقوف وسام علاء الدين. وبينما بدأت الإجراءات التي قررت القوى الأمنية اتخاذها لمنع المخالفات وقمع الفلتان الأمني من أحد مداخل ضاحية بيروت الجنوبية في حضور وزير الداخلية مروان شربل صباحا، أكد الأخير أن الخطة انطلقت من الضاحية لأن البعض يعتبر أن الخلل الأمني يبدأ منها. وشدد على «أن قطع الطرق ممنوع ولا غطاء لأحد ولا أعتقد أن هناك سياسيين يغطون المخالفين ومنع قطع الطرق سيكون امتحاناً للسياسيين والأمنيين». ولم تمض بضع ساعات على هذا المشهد حتى ظهر عشرات من الشبان في شارع «سبيرز» في قلب بيروت تجمعوا من الأحياء المحيطة، لا سيما من منطقة زقاق البلاط حيث يقطن الموقوف علاء الدين، وقدموا سيراً وعلى متن دراجات نارية وبعضهم في سيارات، وتجمعوا بُعيد الواحدة ظهراً على جانبي الطريق قبالة مبنى تقع فيه مكاتب لمسؤولين في تيار «المستقبل» منهم الأمين العام أحمد الحريري، وأطلق بعضهم هتافات وشتائم. وقال بعضهم إنهم يطالبون بإطلاق علاء الدين وأنهم وعدوا بإخلاء سبيله ظهراً وهددوا بقطع الطريق. وأجريت اتصالات بالقوى الأمنية والوزير شربل وأرسلت دورية للجيش اللبناني وأخرى لقوى الأمن الداخلي الى المكان، وإلى مبنى تلفزيون «المستقبل» الذي يقع في شارع موازٍ على بعد أقل من 100 متر، وجرى تلاسن بين القوى الأمنية وبين الشبان المتجمعين الذين حمل بعضهم أجهزة اتصال لاسلكية، ثم ما لبثوا أن غادروا الشارع الى الأحياء القريبة وإلى منطقة الخندق الغميق في وسط بيروت. وظهر في شكل متزامن بعض الشبان أمام مبنى وزارة الداخلية وسرت إشاعات تبين عدم صحتها عن قطع الطريق عند الجسر الذي يصل شطري العاصمة وفي منطقة بشارة الخوري، فيما تولى شبان على دراجات نارية رمي دواليب أشعلوها عند أحد مخارج مطار بيروت الدولي، وعادوا أدراجهم الى الضاحية الجنوبية عند وصول دورية للجيش عملت على إطفائها. وقالت مصادر أمنية إن بعض الشبان لوّح بنصب خيم أسوة بتلك التي نصبت في طرابلس للاعتصام والمطالبة بإطلاق الشاب السلفي شادي المولوي الشهر الماضي، حتى إخلاء علاء الدين. وأجريت اتصالات بقادة «حزب الله» لمعالجة الموقف، خصوصاً أن الشبان الذين تجمعوا قبالة مبنى «المستقبل» قالوا إنهم ينتمون الى «سرايا المقاومة». واتصل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة برئيس الجمهورية ميشال سليمان أثناء ترؤس الأخير جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري بدءاً من الخامسة وأبلغه أن العاصمة تعيش حالاً أمنية مزرية بسبب ما يحصل على الأرض منذ يومين، يؤدي الى شبه شلل للحياة فيها وإلى ذعر المواطنين، وأن ما يجري تحركه قوى مشاركة في الحكومة بالتزامن مع تنفيذ خطة أمنية. وساد انطباع في الأوساط السياسية بأن ما يجري في الشارع تتعدى أهدافه قضية توقيف الشاب علاء الدين الى توجيه رسائل، ربما لها علاقة بالتطورات الإقليمية ومتصلة بالأزمة السورية. وفرض الوضع الأمني نفسه على جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول أعماله وطلب الرئيس سليمان استدعاء قادة الأجهزة الأمنية الذين كانوا عقدوا اجتماعاً تنسيقياً دورياً، للاطلاع منهم على الوضع على الأرض. وأشار سليمان في مستهل الجلسة الى أن «الشهر الأمني وعلى رغم الاعتراضات والأصوات المعترضة عليه، يؤكد حضور الدولة ومؤسساتها»، واستغرب ظاهرة حرق الدواليب، لافتاً الى أن هذا الأمر يجب أن يتوقف بشكل نهائي وعلى مجلس الوزراء أن يتخذ قراراً في هذا الأمر». ونقل عن سليمان قوله إن المخلين بالأمن ما كانوا ليقطعوا الطرق لو لم يكن لديهم حماية سياسية، وتوجه الى القادة الأمنيين، قائلاً: «ممنوع قطع طريق المطار بعد الآن. معكم الحماية السياسية وعليكم التشدد». وشدد وزير الصحة علي حسن خليل في مداخلة له، على أن «موضوع إقفال الطرق، لا سيما طريق المطار أمر مرفوض تماماً ويتطلب تنفيذاً وحسماً من دون التوقف عند أي تفصيل بتوقيف الأشخاص المخلّين بالأمن». وأضاف: «الأمر لا يحتاج الى طلب إعطاء الغطاء السياسي لأن الغطاء معطى الى الأجهزة الأمنية. إن داخل مجلس الوزراء أو في طاولة الحوار الوطني، ولا يجوز أن نبقى رهينة لبعض «الزعران»، بل يجب رفع الغطاء عنهم من قبل كل القادة والقوى السياسية، ويجب أن تكون هناك ممارسة أمنية قضائية سياسية حاسمة يخرج بها مجلس الوزراء». وأفادت المعلومات أن الوزير شربل قال إنه لم يعد مسموحاً المزاح في بيروت بعد اليوم ولا غطاء لأحد مهما حصل. وفي واشنطن، أدرجت وزارة الخزانة اسماء أربعة أشخاص وثلاث مؤسسات على لائحة المتورطين بغسل أموال وتهريب مخدرات في أميركا اللاتينية لحساب «حزب الله»، واسم شخص خامس متورط في الارهاب. وقالت انه تم تحويل ملايين الدولارات من هذه النشاطات الى الحزب عبر جهات ومصارف بينها مصرف «فينيقيا» اللبناني. وأدرجت الوزارة، في بيان رسمي، كل من عباس حسين حرب وابراهيم شبلي على لائحة المتعاونين مع الرأس الأكبر لتهريب المخدرات أيمن جمعة. وأشارت الى أن «منظمتين تابعتين لحرب في فنزويلا وكولومبيا غسلتا الأموال لصالح شبكة جمعة وعبر القطاع المالي اللبناني». أما شبلي «فاستخدم موقعه كمدير في مصرف فينيقيا في لبنان، فرع العباسية، لتسهيل تحويل الأموال لجمعة وحرب»، وبنسب «تخطت المليون دولار في 2010 الى حساب يملكه حرب ويديره شبلي». ويحمل حرب الجنسيتين الفنزويلية واللبنانية، وشبلي هو مواطن لبناني. وشملت اللائحة نفسها علي حسين حرب، شقيق عباس. كما أدرجت الوزارة اسم علي محمد صالح على لائحة «الارهابيين الدوليين» لتسهيله الدعم ل «حزب الله» من كولومبيا. وصالح هو مقاتل سابق في الحزب «وعلى اتصال بسلطات حزب الله في لبنان. ومنذ تموز (يوليو) 2010 يتواصل مع قسم العلاقات الخارجية في الحزب ومع أشخاص يشتبه بعلاقتهم بالحزب في كل من فنزويلا وألمانيا ولبنان والسعودية». وتم ادراج شقيق صالح أيضا، قاسم محمد على لائحة المتعاونين مع جمعة. أما المؤسسات المدرجة فهي: «امبورتادورا سيلفانيا» و»بوديغا ميشيغان»، مركزهما كولومبيا، الى جانب «امبورتاديرا سيلفانيا سي.آي» في فنزويلا.