رأى الطالب إسحق آل مجدوع إنساناً يركض والنار مشتعلة في ملابسه، فقام على الفور بإيقاف سيارته، وحاول بكل الطرق تخليص الشخص من ملابسه المشتعلة، ثم قام بإخماد النيران، وأنقذه من موت محقق، وأصيب جراء عمله البطولي والإيجابي بحروق في يديه، وبعض أجزاء من جسده، ولذلك قامت مدرسته في محايل عسير وبالتحديد بحر أبوسكينة بتكريمه إعجاباً بما قام به من عمل، وأنقذ مقيماً حاول إنهاء حياته حرقاً. هذا الشاب الطالب في مدرسة ثانوية لم يقم بتصوير شخص وهو يحترق، ولم يقف ليشاهد، بل بادر واجتهد وأسرع لإنقاذ روح تعاني، لدرجة أنها فضّلت الموت والألم على الحياة. هنيئاً لنا بابننا الرائع إسحق آل مجدوع، وننتظر أن تكرمه الدولة أسوة بالشخصين اللذين أنقذا طفلاً من الاحتراق، ونالا مكافأة مجزية من خادم الحرمين الشريفين. وفي السياق نفسه، وبنفس الإيجابية قام المخرج فهد الحربي بإعادة حقيبة مسروقة لإحدى المعتمرات، وكان المخرج فهد يهمُ بدخول المسجد لصلاة العشاء، وشاهد أحد اللصوص يخطف حقيبة معتمرة تقف خارج المسجد في انتظار زوجها، وركض خلفه أكثر من 800 متر حتى أدركه، وأخذ منه الحقيبة وأعادها للمعتمرة التي فرحت جداً، وقدرت له حسن صنيعه، هذا الشخص قام بعمل جليل لا ينتظر شكراً من أحد، وربما لا يتوقعه، ولكن واجبنا كمجتمع تقدير صنيعه، لتعزيز هذه السلوكيات الجميلة التي تسعد قلوب أصحابها وتسعدنا أيضاً. وصلني برود كاست عن حملة جميلة جداً وراقية جداً اسمها: «لا يوجد عطشان في السعودية»، وأهداف الحملة هي التشجيع على سقيا الماء وتوفيره في أوقات الظهيرة لعمال النظافة، ومن يعملون في البناء وتحت الشمس. قام بها مجموعة من الشباب صغار السن، ودعوا إلى شراء كميات كبيرة من الماء البارد لتوزيعه بعد اختبارات يوم الأربعاء الماضي. الحملة كما وصلتني منظّمة جداً، وتتضمن مشاعر جميلة نحو الإحساس بالآخر وهو يعمل من أجلنا تحت الشمس الحارقة، نخبره بها وهي طريقة راقية، بمعنى كلمة شكراً، وهي كلمة لا تنطلق إلا من نفس راقية تقدر عمل الآخر مهما رأيناه بسيطاً أو مهيناً، ولنا أن نتخيل شوارعنا من دون هؤلاء ليوم واحد فقط، عندها سندرك أن ما يقومون به هو عمل رائع وجميل، وعلينا أن نساعدهم بإعطائهم وجبة ساخنة بعد يوم عمل شاق، وتوفير المياه الباردة لهم في أوقات الظهيرة، ومساعدتهم بأن نضع أكياس القمامة مغلقة، وفي أماكنها المحددة حتى تسهل مهمتهم، هذا كله إحسان لهم ورحمة بهم، واعترافاً بحق الشارع. حضارة أي إنسان تظهر من خلال سلوكياته اليومية العادية من دون تعمد، وحضارة أي مجتمع تتضح في شوارعه وأزقته ومداخل بيوته. أعود لإسحق وفهد وأصحاب حملة «لا يوجد عطشان»... هنيئاً لنا بكم. [email protected] s_almashhady@