تحية كبيرة للشاب شامان الشمري الذي وجد حقيبة في سوق برزان وسط حائل وقام بتسليمها للشرطة التي قامت بالاتصال بصاحبها وحضر لتسلمها. جدير هو بالطبع بهذا التكريم وبهذه الشهادة وبهذه الحفاوة من أمير منطقة حائل وجميلة جداً كلماته البسيطة بأن ما قام به واجب إنساني وديني لا يستحق عليه الشكر (نعم أتفق معه) ولكن كنت أتمنى لو سلم الشاب نفس قيمة المبلغ الذي وجده حتى لو تبرع به للخير ليعلم هو وغيره أن المجتمع يقدر له حسن صنيعه ويقدر له أمانته بل ويكافئه عليها في وقت كان من المحتمل أن يتصرف هو وغيره بطريقة مخالفة لهذا التصرف. تعزيز القيم الواجبة دينياً واجتماعياً مطلوب ومن الممكن دعمها عن طريق رجال الأعمال والمهتمين بالشأن الاجتماعي والأخلاقي فكما نعاقب السارق ونطالبه برد المبالغ التي سرقها يجب أن نكافئ المحسن الأمين. أذكر أنني رأيت الموقف نفسه في برنامج أجنبي منذ زمن طويل وشدني فعلاً التكريم من جنس العمل كان سائق أجرة فقيرٌ وجد عقداً من الألماس سقط من أحد التجار ورغم أن أفكاره راودته لأخذه وبيعه لتسديد ديونه والتخلص من مطالبات عديدة حولت حياته إلى كابوس حقيقي إلا أن الخير داخله انتصر (وردد لنفسه مرات عديدة ليس من حقي.. نعم ليس من حقي) وذهب وسلم العقد الماسي للشرطة التي بحثت عن بلاغات عن فقدان العقد ووجدت صاحب العقد الذي كاد يموت فرحاً. لم يصمت الرجل ذهب إلى شركته وأبلغها بما حدث وأوصلوا الخبر لأحد رجال الأعمال فقام على الفور بتقديم عقد مماثل لصاحب سيارة الأجرة واستضافه أحد البرامج وسألته المذيعة: ما الذي حدثت به نفسك أثناء عثورك على العقد الماسي؟ فقال «إنه ليس من حقي» فأجابت المذيعة: ولكنه الآن من حقك، هذا هو جزاء أمانتك وتقديراً من مجتمعك نهديك هذا العقد دون أن تجتاحك مشاعر تأنيب الضمير... فبكى الرجل وبكت المذيعة وبكيت معهما صراحة من جمال الموقف. - جميل جداً جداً ما يفعله شباب مكة المتطوعون لخدمة ضيوف الرحمن وغيرهم في رمضان وفي الحرم المكي المشرف فقد رأيت بعيني ما أعجز عن كتابته وسمعت وقرأت تحقيقات جميلة تعزز ما شاهدته من أخلاق عالية وحسن تمثيل للدور التطوعي الذي يقوم به هؤلاء أيضاً أطالب بتكريمهم جميعاً وشكرهم على الملأ فكما ننتقد تصرفات وسلوكيات البعض المسيئة يجب أن نشكر من يقوم بتمثيلنا خير تمثيل. هؤلاء الشباب الذين يدفعون العربات مجاناً كانوا بالفعل يرفضون المبالغ الكبيرة التي يحاول البعض منحهم إياها بكل عزة نفس وكرامة وإباء مرددين جملة واحدة «لا نريد غير الدعاء وهذا واجبنا». تعزيز السلوك يحتاج لخطط مدروسة منها شهادات الشكر والتقدير وإعطاء الشخص الأمين بالحلال ما رفض أخذه بالحرام (دون أن يطلب منه أحد ذلك). هنيئاً لنا بشبابنا وهنيئاً لحائل بابنها وهنيئاً لمكة بشبابها الرائعين وهنيئاً لشبابنا الذين يتركون موائد أسرهم ويبقون في الطرقات لتفطير الصائمين والصائمات هنيئاً لنا بهذه القلوب العامرة بالخير وكل رمضان والجميع بخير. [email protected]