مرشحان. فريق وجماعة. ليبراليون ودينيون. مهللون ومكبرون. شاشتان. مدينة نصر والتحرير. شيرين عبدالوهاب الملقبة ب«شيرين آه ياليل» وأدعية دينية بتولية خيارنا وإبعاد أشرارنا. المرشحان والشاشتان يقف كل منهما على طرف نقيض، ويعكس كل منهما طيفاً رئيسياً في مصر المحروسة. فريق داعم للفريق أحمد شفيق، وجماعات مؤيدة لمرشح «الإخوان» محمد مرسي. وبين هذا وذاك لم يقف الإعلام على مسافة واحدة من الاثنين، بل أسس ورسخ وأكد الخط الفاصل بينهما. وهنا، تاهت ألف باء الموضوعية، وتبخرت بديهيات الحياد. عشرات القنوات الخاصة لم تعلن دعمها شفيق، لكن كل كلمة نطقت بها كانت تنضح بهتاف «يوم الحد العصر نروح مع شفيق القصر» (القصر الجمهوري). قنوات أخرى، في إطار محاولاتها الإمساك بالعصا من المنتصف، كسرت العصا على رؤوس الجميع. فهذا مذيع يعلن على صفحته على «فايسبوك» تأييده مرسي، ثم يظهر أمام الشاشة محايداً. وهذه مذيعة عرفت بانتمائها الثوري لجماعة سياسية تهدف إلى هدم الدولة في سبيل إقامة دولة جديدة على أسس نظيفة، يبدو تناولها كل ما يتعلق بشفيق بعيداً من الصدقية. وهذا محاور بنى تاريخه الإعلامي على أساس الصحافة الفنية واشتهر بتقديره الفطري وميله العاطفي للعناصر الأنثوية، يبذل كل ما يمكن بذله من أمارات تأييد مرشح «الإخوان» الذي «سيحترم حتماً الإبداع ويقدر الفنون ويبجل الدراما»، فيبدو حديثه أشبه بالإناء المخروم. وها هي قنوات التلفزيون المصري تواصل تأرجحها العنيف الذي اعتراها في أعقاب الثورة، فتوظف برامج وتجيش مذيعين لانتقاد مرسي وجماعته، ثم تكرس فقرات لمناقشة فكر «الإخوان» المستنير، ثم تعود إلى سابق عهدها من تبجيل للقرارات السياسية السيادية بغض النظر عن الموضوعية. ويخرج مذيع يندد بالبث المقتصر على أنصار شفيق في مدينة نصر، مطالباً الفنيين ببث الصورة من «ميدان التحرير» كذلك، ويردد الإجابة التي تأتيه أمام المشاهدين على الهواء: «تعليمات؟! هذا لا يصح! التحرير أيضاً مصر. مصر ليست مدينة نصر فقط». ويستمر التأرجح في انتظار مصير «ماسبيرو» في عهد «الإخوان». لكن تظل «العينة بينة» عبر شاشة قناة «مصر 25» التي يراها أنصار الجماعة ومحبوها القناة الوحيدة «المحايدة والموضوعية والصادقة»، لكونها لا تبث إلا الجانب الإخواني. ليل أول من أمس خرج المذيعون ببرامجهم المعتادة، ولكن بوجوه مختلفة. منهم من اسودت وجوههم تحسباً لما هو آت، ومنهم من لمعت عيونهم. المهمومون ربما كانوا متخوفين من انتقام «الإخوان» من معاداتهم والتربص بهم بعد تسلم مقاليد الأمور، وربما أيضاً لأنهم مهزومون أيديولوجياً وسياسياً. أما السعداء، فهم إما فرحون بانتصار مرشحهم، وإما متفائلون بما سيعكسه هذا الفوز من منصب إعلامي أكبر أو برنامج حواري أوسع أو مجرد كتابة اسمه في دفتر «أصدقاء الرئيس»!