أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي» أن التوجهات التي يعمل الجيش في هديها سواء على الحدود الشرقية والشمالية أم في الداخل، هي ترجمة دقيقة لقرار النأي بالنفس، فبقدر ما نتمسك بألا تكون ارضنا مستباحة وأمننا مخترقاً، بالقدر نفسه لن نسمح بأن تستعمل الأراضي اللبنانية أو أجزاء منها معبراً لتهريب السلاح أو المسلحين أو لإقامة منطقة عازلة أو بيئة ينمو فيها الإرهاب أو التطرف وما يتفرع منهما». كلام ميقاتي جاء خلال زيارته وزارة الدفاع حيث التقى الوزير فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي ثم التقى كبار ضباط الجيش وقال: « حرصت على أن تكون زيارتي لقيادة الجيش غداة الاجتماع الأول لهيئة الحوار الوطني كي انقل إليكم الموقف الذي صدر بإجماع أعضاء الهيئة حول الجيش ودوره، وضرورة دعمه معنوياً ومادياً بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسدة للوحدة الوطنية». وأضاف: «إذا كانت هذه المهمة السامية يشوبها أحياناً بعض الخلل فهذا استثناء، لأن القاعدة هي أن الجيش يسهر على حماية الجميع من دون تمييز أو محاباة، منفذاً بذلك تعليمات القيادة التي تمحضها السلطة السياسية ثقة كاملة في تنفيذ المهمات الموكلة إليها والتي اثبت الجيش انه جدير بها، اما تصويب الأداء فيتم من خلال الضوابط والمعايير القانونية». ولفت إلى أن «الحكومة ركزت منذ تشكيلها على العمل على تأمين حاجات الجيش، آخذة في الاعتبار الإمكانات المحدودة المتوافرة لديها». ورأى «أن الصعوبات التي تحيط بنا لم تحل يوماً دون تلبيتكم نداء الواجب، سواء على الحدود أم في الداخل غير آبهين بصعوبات من هنا واعتراضات من هناك». وقال: «إن لبنان يواجه تحديات كثيرة وخطيرة، لكننا في مواجهة هذا الواقع لا بد من تأكيد ثوابت لتمكين لبنان من تجاوز هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه. أولى هذه الحقائق أهمية الحفاظ على الاستقرار في الجنوب من خلال تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لأن هذا الاستقرار مفتاح الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». وتحدث عن ثابتة «الحفاظ على وحدتنا الداخلية والتصدي مجتمعين لأي تصرف من شأنه ضرب الاستقرار وإحداث فتن، ولعل الحكمة التي ميزت تصرف الجيش في الأسابيع الماضية حالت وستحول دون أي ممارسات يستغلها أعداء لبنان لتحقيق مآربهم وأطماعهم». مؤكداً أن الاختلاف في الرأي «أمر جائز وضروري، لكن لا يمكن التعبير عنه إلا بالكلمة والمظاهر الديموقراطية، وليس بالسلاح الذي اختبرنا في الماضي مخاطره ما جعل الأصوات ترتفع مجدداً لنزعه من المدن والقرى والأحياء والشوارع. وثالث الثوابت أن الحوار يبقى الخيار الوحيد للاتفاق بين اللبنانيين وواجب الجميع تسهيل استمراره مهما كانت الظروف لأن البديل هو اقتتال. والتجربة اللبنانية في الحوار والاتفاق التي أثمرت اتفاق الطائف الذي نتمسك بتطبيقه كاملاً، تشكل نموذجاً يُحتذى». وشدد على الحاجة الى «الدولة القوية القادرة والعادلة». كما شدد على «بقاء لبنان مساحة للالتقاء وتبادل الآراء على تنوعها، ومن مهمات الجيش الحفاظ على هذه الصورة». وجدد التأكيد ان احداً «لن يستدرجنا إلى تبديل موقفنا بالنأي بالنفس، ولن تؤثر الضغوط في دفعنا إلى مواقف تناقض قناعاتنا». واعرب ميقاتي عن ثقته بأن «الجيش اللبناني الساهر على امن الحدود واستقرارها سيواصل حماية النازحين السوريين إلى أن تسمح الظروف بعودتهم».وخاطب الحضور قائلاً: «لا تأبهوا للأصوات المشككة ولا تقلقوا من تصريح من هنا أو بيان من هناك، من موقف انفعالي أو من رد فعل غرائزي. أريدكم أن تثقوا أخيراً بأن قوة الجيش ليست فقط في السلاح الذي تحملون بل أيضاً وقبل كل شيء بالوحدة الوطنية وبوقوف اللبنانيين إلى جانبكم، وبرهنتم أن الجيش تجاوز كل الخلافات الداخلية والاعتبارات المذهبية والطائفية والفوارق الاجتماعية، وكان جيشاً وطنياً». قائد الجيش وكان قهوجي اكد لرئيس الحكومة في كلمة «إننا ندرك تماماً حجم التحديات والمصاعب التي تواجهها البلاد، سواء على الصعيد الداخلي أم على صعيد انعكاس الأزمات الخارجية على لبنان، وخصوصاً من الجار الأقرب إليه أي سورية، وبين هذا التحدي وذاك يبرز تحد آخر، يتمثل بوجوب الحرص على التوازنات اللبنانية الدقيقة والتي تفترض من القيمين على الدولة التعاطي معها بكثير من الحكمة والوعي والمسؤولية، لأن أي مساس بها قد يعرض مسيرة السلم الأهلي والوحدة الوطنية لأخطار جسيمة». واكد ان الجيش «لن يتراجع قيد أنملة عن دوره الوطني وكونوا على ثقة تامة بأن الجيش سيبقى تحت سقف القانون، ولن يعمل إلا في إطار توجيهات رئيس البلاد وقرارات حكومتكم وصلاحياته المنصوص عنها في القانون. كما أن أداءه العملاني لن يخرج عن ركيزتين اثنتين، فرض الأمن والاستقرار من جهة، والحفاظ على أرواح المواطنين من جهة أخرى، وبهذا النهج واجهنا الفتنة في مدينة طرابلس على رغم كل ما قيل ويقال، وسنستمر مستقبلاً باقتلاع أشواك المجرمين والعابثين بالأمن أينما كانوا وإلى أي جهة انتموا». «أي توتر في طرابلس يستهدفني» وفي موقف آخر قال ميقاتي خلال استقباله وفداً من المجتمع المدني والهيئات الأهلية في طرابلس: «إن المؤامرة على طرابلس مستمرة منذ العام 1975 بهدف فرض شرخ بين أبنائها لا سيما على الصعيد الديموغرافي، ومن آخر تجليات هذا الموضوع عمليات إحراق المنازل والمحال في عدد من مناطق طرابلس وهو أمر نستنكره ونشجبه بقوة». وأضاف: «حالياً يتركز جهدنا على معالجة الأوضاع في طرابلس على مستويين أمني وسياسي والجيش سيتعامل بحزم مع كل محاولات إعادة توتير الوضع وإطلاق النار، وفي الوقت ذاته نستمر في الاتصالات مع مختلف الأطراف من أجل تقريب وجهات النظر على رغم اعتقادي بأن إتمام المصالحة بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن يحتاج إلى جهد إضافي». وقال: «دأب البعض منذ فترة على إطلاق الشائعات عن عمليات تسلح يقوم بها المناصرون لي في المدينة وهذا كلام محض افتراء، فأي توتر أمني في طرابلس يستهدفني بالدرجة الأولى».