فيما يصعّد مدونون وحقوقيون حملتهم ضد إجراءات القبض على عدد من الناشطين خلال الأسبوع الماضي، شدّدت السلطات العمانية على مواصلة الملاحقات، وقال المدعي العام حسين الهلالي أن الادعاء «سيلاحق المتهمين الذين يرتكبون جرائم السب والقذف عبر وسائل الاتصال»، وبرز فريق آخر يدافع عن الإجراءات الأمنية بعد تنامي ظاهرة التعرض لرموز البلد والتي مست ذات السلطان قابوس بما اعتبره البعض خطاً أحمر يقوّض الوحدة الوطنية والامن والاستقرار في البلد. وأشار الهلالي في تصريح الى «الحياة» إلى التحقيق مع عدد من المقبوض عليهم، مؤكداً أنه «بعد انتهاء التحقيق ستتخذ الاجراءات القانونية وسيقدم من تثبت الادلة الجازمة ادانته الى المحكمة المختصة». وتأتي الإجراءات بعد أسبوع من بيان للإدعاء العام حذر فيه من أنه «سيتخذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يقوم بالتحريض عبر الكتابات المسيئة أو الدعوات التحريضية أو من يساعد عليها بأي شكل كان»، وذلك عقب «تزايد وتيرة مثل هذا النوع من الكتابات في الآونة الأخيرة بحجة حرية التعبير»، معتبراً «مثل هذه الأقوال والأفعال خروجاً على التعاليم الدينية الرفيعة والأعراف العريقة والأخلاق النبيلة التي تأصلت في المجتمع العماني وتربى عليها أبناؤه» كما «تشكل وقائع تتنافى مع النظام العام والآداب، كما أنها مجرمة قانوناً أياً كانت الوسيلة التي تستخدم لهذا الغرض مرئية كانت أو مقروءة أو مسموعة أو عبر وسائل الاتصالات وتقنية المعلومات بما فيها المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي». وتداولت المواقع الالكترونية والمنتديات بياناً حمل توقيع أكثر من ثمانين متضامناً وجاء فيه: «ندين وبشدة مثل هذه الاعتقالات والاستدعاءت، في هذا التوقيت الذي نحرص فيه جميعنا على التهدئة وبناء الوطن». وطالب البيان الأجهزة الامنية «بالنأي عن الحياة المدنية، وأن تلزم روح القوانين العمانية»، ودعا مجلسي الدولة والشورى الى «التدخل الفوري لحماية المواطنين المدنيين من تصرفات هذه الاجهزة طالما أنهم يمثلون المواطن وتطلعاته»، واللجنة الوطنية لحقوق الانسان الى «الاسراع إلى حماية المعتقلين وضمان سلامتهم، ورصد كل الانتهاكات التي تعرضوا لها وتمكينهم من حقوقهم كافة سواء الاتصال وتوكيل محامين للدفاع عنهم»، كما طالبوا «بالإفراج عن جميع المحتجزين». وأشار البيان إلى أسماء عدد من المقبوض عليهم وهم «المدون والناشط نبهان الحنشي، والكاتب حمود سعود الراشدي، والمدون والناشط اسماعيل المقبالي، والمدون خلفان البدواوي، والمدون اسحاق الإغبري، والشاعر حمد الخروصي، والمدون حسن الرقيشي، وعلي الحجي والأستاذ علي السعدي»، فيما اخلي سبيل آخرين بينهم حبيبة الهنائي (لاعبة كرة طائرة سابقة وناشطة). وكان ثلاثة من الناشطين استدعوا الى التحقيق بتهمة التحريض بعد زيارتهم للمضربين عن العمل في حقول النفط التي شهدت اعتصام آلاف عدة من العمال وسط مطالبات بتحسين ظروف عملهم في الصحراء. وتدخل مجلس الشورى ولجان حكومية لوقف الإضراب الذي هدد بتضرر الانتاج النفطي وإفلاس الشركات الصغيرة، فيما لا تزال القضية مفتوحة بعد رفض عدد من الشركات إعادة المضربين اليها كون الاضراب غير قانوني ويخالف قانون العمل. وفي خطوة لافتة لها دلالاتها في الساحة العمانية، طالب أعضاء مجلس الشورى باستجواب وزير النفط والغاز «لإهماله صلاحياته وعدم المبالاة واتخاذ الاحتياطات اللازمة لإدارة الأزمات التي تمر بها السلطنة جراء إضراب بعض العاملين في حقول النفط» وفق بيان تلاه نائب رئيس المجلس سالم الكعبي الذي تولى رئاسة الفريق المشكل لمتابعة اعتصامات الموظفين العمانيين في مناطق الامتيازات. ووصف الكعبي بلغة غير مألوفة في المشهد المحلي وجود الوزير في إجازة خارج البلد ب «الغرابة» رغم كل هذه «الظروف الاستثنائية الخطيرة مما كان يستدعي منه حرصاً أكبر وهو على رأس الهرم الإداري لإحدى أهم وزارات الدولة، كيف لا وهي تشرف على أهم مصدر دخل للسلطنة»، مشيراً إلى أن فريق العمل المشكل لمتابعة القضية يبحث عن وزير النفط والغاز بدون جدوى بعدما لم «يكلف نفسه» بالتواصل مع رئيس مجلس الشورى «ولا بأي عضو في المجلس للاستفسار عن موضوع الاعتصامات»، متسائلاً «إذا كان أصحاب المعالي الوزراء لا يحضرون في مثل هذه الأزمات فمتى سيحضرون». وأشار الكعبي أن انتهاء الاعتصامات يوم «الخميس 31 مايو الفائت» ونقل الملف «إلى طاولة الحوار في مجلس الشورى، ولكن لم نستطع إنهاء الموضوع بأكمله إذ كما أسلفت فإن هناك مجموعة متبقية من الموظفين رفضت شركاتهم إعادتهم إلى العمل».