قالت مصادر فلسطينية ان رئيس الطاقم الفلسطيني المفاوض صائب عريقات وموفد رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى المفاوضات مع الفلسطينيين إسحق مولخو عقدا أخيراً سلسلة لقاءات غير معلنة، وان الجانب الاسرائيلي أبدى في هذه اللقاءات اهتماماً كبيراً بعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وذكرت المصادر أن عباس اشترط عقد هذا اللقاء بإطلاق نتانياهو سراح «عدد مهم» من الأسرى. وقالت ان الجانب الجانب الفلسطيني يطالب بإطلاق 500 أسير، في مقدمهم جميع الاسرى المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو وعددهم 123 أسيراً، والأسرى المرضى الذين يعانون أمراضاً خطيرة وعددهم 20، والقادة السياسيون مثل الأمين العام ل «الجبهة الشعبية» أحمد سعدات والقائد «الفتحاوي» مروان البرغوثي. وكان الرئيس عباس أعلن أول من أمس في لقاء مع وكالة الانباء الفرنسية في باريس استعداده للقاء نتانياهو والتحاور معه في حال وافق على إطلاق الاسرى. لكنه جدد اشتراطه العودة الى المفاوضات بوقف الاستيطان والاعتراف بخط الرابع من حزيران (يونيو) حدوداً بين الدولتين. وتشكل قضية الأسرى أحدى أكثر القضايا حساسية لدى الرأي العام الفلسطيني. ويتوقع أن يؤيد الفلسطينيون أي خطوة حتى لو كانت العودة الى المفاوضات اذا نتج عنها اطلاق عدد كبير من الأسرى. وكانت تقارير صحافية إسرائيلية كشفت اتصالات سرية تجري منذ أشهر بين مولخو وعريقات لبحث إمكانات استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة ولمعالجة مسائل يومية تهم الجانبين. وأفادت صحيفة «هآرتس» أمس أنه منذ توقف الاتصالات لاستئناف المفاوضات التي جرت في العاصمة الأردنية في كانون الثاني (يناير) الماضي بين عريقات ومولخو تحت رعاية المملكة الأردنية واللجنة الرباعية الدولية، عقد الرجلان اجتماعات سرية بعيداً من أضواء الإعلام. ووفق مصادر إسرائيلية وديبلوماسية اوروبية، فإنهما التقيا ست أو سبع مرات خلال الأشهر الأخيرة. لكن الصحيفة أشارت إلى أن الاتصالات بين الرجلين تناولت أساساً الأمور اليومية والإشكالات التي تتطلب تدخل المستويات العليا، مثل إضراب الأسرى الفلسطينيين، وطلب الفلسطينيين تصديق إسرائيل على نقل أسلحة وعتاد من الأردن لأجهزة الأمن الفلسطينية. وأضافت أنه لم يُسجَّل أي تقدم على صعيد استئناف المفاوضات رسمياً، خصوصاً أن الشروط الفلسطينية لذلك لم تتغير (إجراء المفاوضات على أساس حدود عام 1967 وتجميد البناء في المستوطنات). وتابعت أن إعلان نتانياهو بناء 851 شقة سكنية جديدة في المستوطنات يؤكد أن استئناف المفاوضات لا يبدو قريباً. تحذير من انتفاضة ثالثة في غضون ذلك، حذر خبراء إسرائيليون في الشؤون الفلسطينية رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو من أن مواصلة النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة واعتداءات المستوطنين المتكررة على الفلسطينيين، في موازاة مواصلة الجمود السياسي، قد تشعل انتفاضة ثالثة. وأفادت «هآرتس» في عنوانها الرئيس أن خبراء بارزين في شؤون الشرق الأوسط، بينهم جنرالات سابقون وأساتذة جامعيون مختصون في الشؤون العربية والفلسطينية، حذروا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو خلال لقائهم به قبل أيام في مكتبه بمبادرة من «مجلس الأمن القومي»، من أن «ممارسات حكومته وقصورها» يمكن أن تؤدي إلى اندلاع عنف شعبي في الأراضي الفلسطينية، أو انتفاضة ثالثة. ورأوا ان الخطر الأكبر يكمن في قيام المستوطنين المتطرفين بإحراق مسجد كبير ضمن ما يسمونه «جباية الثمن». كما حذروا من أن بناء مئات الشقق الاستيطانية الجديدة مع استمرار الجمود السياسي قد يتسبب هو أيضاً، في شكل غير مباشر، في إشعال الوضع لأنه سيُفقد الفلسطينيين ثقتهم برئيسهم ورئيس حكومته سلام فياض ويضعف أجهزة الأمن الفلسطينية. على صلة، وجّه رئيس جهاز المخابرات العامة السابق يعقوب بيري أمس أيضاً تحذيراً مماثلاً من أن استمرار الجمود السياسي بين إسرائيل والسلطة، «خصوصاً مع بروز تصدعات في السلطة»، يمكن أن يؤدي إلى اندلاع «موجة من الإرهاب» أو إلى انتفاضة ثالثة. وأضاف أن هذا الجمود «يقودنا بسرعة نحو دولة ثنائية القومية، ستضع حداً للحلم الصهيوني ببناء دولة يهودية». وتابع أن إسرائيل تفتقر إلى قيادة قادرة على التعامل مع التحديات التي تواجهها الدولة العبرية. ويقول المراقبون في اسرائيل انه في ضوء هذه التحذيرات، فإن نتانياهو يسعى الى تخفيف الاحتقان عبر إجراءات «علاقات عامة» من نوع عقد لقاءات مع القيادة الفلسطينية، وخطوات تجميلية مختلفة لا ترقى الى وقف الاستيطان.