عقدت أحزاب ليبرالية ويسارية في مصر اجتماعاً أمس لاختيار ممثليها في تشكيلة الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد للبلاد، غداة اتفاق بين الأحزاب أنهى أزمة وضع معايير اختيار الجمعية التي تضم 100 عضو سيتوزعون مناصفة بين منتمين إلى التيار الإسلامي ومنتمين إلى قوى مدنية. وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي دعا مساء أول من أمس البرلمان بغرفتيه (مجلسي الشعب والشورى) إلى الاجتماع الثلثاء المقبل لانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، مشدداً على ضرورة أن تبدأ الجمعية عملها قبل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في الداخل المقررة في 16 و17 الشهر الجاري. وجاءت دعوة طنطاوي بعد اجتماع استمر حتى ساعة متقدمة من مساء أول من أمس بين جنرالات الجيش و22 حزباً سياسياً ممثلاً في البرلمان، انتهى إلى إبرام اتفاق ينهي أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية التي استمرت أكثر من شهرين. وبدا من مناقشات الساعات الأخيرة أن حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، أبدى مرونة وتنازلات أملاً في استعادة الثقة بينه وبين القوى المدنية، في مسعى منه إلى طمأنتها والحصول على دعمها لمرشحه للرئاسة محمد مرسي الذي يواجه أحمد شفيق رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك. وعلمت «الحياة» أن اجتماعاً صباح أول من أمس ضم نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر وقيادات في المجلس العسكري ساهم في إنهاء أزمة الدستور. وأكد مرشح الجماعة للرئاسة على «الحرص على إنجاز تأسيسية الدستور بالتوافق وأن تضم كل ألوان الطيف المصري». واعتبر إنجاز الاتفاق «بلورة لجميع الجهود، إذ جلسنا جميعاً للوصول إلى حال توافق مطمئنة للكل، والأسبوع الجاري سيشهد ميلاد هذه الجمعية بما يرضي رغبات الشعب المصري». وبحسب الاتفاق، فإن الجمعية التأسيسية ستضم 39 عضواً من الأحزاب السياسية هم 16 من «الحرية والعدالة» و8 من «النور» السلفي و4 من «الوفد» و2 من «البناء والتنمية» و2 من «المصريين الأحرار» و2 من «المصري الديموقراطي»، و2 من «الوسط»، إضافة إلى عضو من كل من «الكرامة» و «التحالف الشعبي» و «الإصلاح والتنمية». وستضم 11 من الشخصيات العامة، و10 من شباب الثورة، و15 من خبراء القانون والدستور، و9 من المؤسسات الدينية (5 من الأزهر، و4 من الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية)، إضافة إلى 7 من اتحاد العمال والفلاحين والاتحادات النوعية، و7 من النقابات المهنية ترشحهم الجهات المعنية، وممثلاً للشرطة وآخر للقوات المسلحة ووزير العدل بشخصه. وعقدت أحزاب ليبرالية ويسارية أمس اجتماعاً في مقر حزب «غد الثورة» للاتفاق على حصتها من تأسيسية الدستور. وعلم أنها ستعقد اجتماعاً آخر اليوم في مقر حزب «الوفد» للاتفاق على أسماء الشخصيات العامة التي سترشحها. وبحسب الاتفاق فإن الأحزاب المدنية الممثلة في البرلمان سيكون عليها اختيار 50 عضواً في تأسيسية الدستور فيما سيكون على الأحزاب الإسلامية اختيار 50 عضواً آخر، وهو ما اعتبر تنازلاً من جانب الإسلاميين الممثلين بنحو 75 في المئة في البرلمان، وفي القلب منهم جماعة «الإخوان». وأوضح مؤسس حزب «غد الثورة» أيمن نور ل «الحياة» أن الاجتماع الذي يفترض أن يكون عقد مساء أمس في مقر حزبه، ضم أحزاباً أبرزها «المصري الديموقراطي» و «الوفد» و «المصريين الأحرار». وأضاف أن «الهيئات والنقابات ستقدم لنا لائحة تضم أسماء بثلاثة أضعاف حصتها على أن نختار منها». ولفت إلى أن الأحزاب ستختار 50 اسماً في لائحة احتياطية لتشكيلة التأسيسية في حال خروج أحد أعضائها لظروف أو اعتذاره عن عدم الانضمام. وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب «المصري الديموقراطي» عماد جاد ل «الحياة» إن «كل تيار سيختار حصته من اللائحة التي تقدمها الهيئات والنقابات، على أن يكون الاجتماع المشترك للبرلمان بغرفتيه للتصديق على اللائحة النهائية». ولفت إلى أن «من حق الأحزاب أن تضم إلى حصتها نوابها في البرلمان أو تختارهم من خارج البرلمان، كما أن النواب المستقلين سنراعي اختيار بعضهم ضمن حصة الشخصيات العامة». ورفض نائب رئيس حزب «النور» مصطفى خليفة تحميل الإسلاميين مسؤولية أزمة الجمعية التأسيسية. وقال: «كل فصيل كانت لدية رؤية تمسك بها، لكننا عندما وجدنا أن رؤيتنا تصطدم بالمصلحة الوطنية تنازلنا»، مشيراً إلى أن الاتفاق «بداية جيدة لتصحيح الصورة بين القوى السياسية، ومد الجسور لإعلاء مصلحة الوطن». وكشف ل «الحياة» أن حزبه سيجتمع الاثنين للاتفاق على ممثلي حصته، وهناك اتصالات مع «الحرية والعدالة» للتنسيق. وأضاف: «يجب أن يكون الجميع انتهوا من اختياراتهم الاثنين المقبل قبل الذهاب إلى الاجتماع المشترك للبرلمان والتصديق على تشكيلة التأسيسية». واعتبر النائب المستقل عمرو حمزاوي الاتفاق على تشكيل تأسيسية الدستور «إنجازاً حقيقياً». وقال ل «الحياة» إن «المناصفة بين التيارين الإسلامي والمدني في تشكيل التأسيسية إنجاز حقيقي أتمنى أن يكتمل بتسمية أعضاء يجمعون بين العلم والكفاءة والخبرة». واعتبر أن الاتفاق بين القوى السياسية «يعيد الثقة إلى المصريين في نخبتهم السياسية وقدرتها على تجاوز أزمتها، ويزيل جزءاً من عدم الثقة بين التيار الإسلامي، وفي القلب منه الإخوان، والقوى المدنية». ورأى المرشح الرئاسي الخاسر عمرو موسى أن الاتفاق «خطوة إيجابية وأمر جيد للغاية، ونرجو من الله أن يتمم ذلك الاتفاق على خير». وأضاف في بيان: «كمصريين نرغب في دستور لمصر وبأقصى سرعة، والاجتماع خطوة جيدة نحو مسيرة الديموقراطية». وكان عضو المجلس العسكري مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية اللواء ممدوح شاهين وصف في مؤتمر صحافي عقد مساء أول من أمس في مقر الوزارة لإعلان نتائج الاتفاق، ما تم التوصل إليه بأنه «إيجابي للغاية». وقال إن «المجلس العسكري كان حريصاً على مصالح البلاد، ولذلك أصر على تشكيل الجمعية التأسيسية خلال هذه الأيام. المجلس وضع خريطة طريق منذ البداية ويعمل على الوفاء بالتزاماته». وعبر مسؤول عسكري عن ارتياح قادة الجيش «أكثر من أي وقت مضى». وقال ل «الحياة»: «سيصدر مجلس الشعب الاتفاق في قانون تشريعي، يحدد خلاله ضوابط تشكيل الجمعية، ما يعني عدم إصدار المجلس العسكري إعلاناً دستورياً في هذا الشان». وأضاف أن المجلس «لن يصدر إعلاناً دستورياً يتضمن صلاحيات رئيس الجمهورية واختصاصاته، وسيتم الاكتفاء بالإعلان الدستوري الصادر في آذار (مارس) 2011 الذي تتضمن المادة 56 منه عشر مهام، اثنان منها نقلت إلى البرلمان وهي التشريع والرقابة، وتتبقى 8 مهام يعمل بها رئيس الجمهورية بمجرد تأدية القسم وحتى يتم إصدار الدستور الجديد».