النجم الإعلامي والفيلسوف التلفزيوني يطل مجدداً ليؤرخ ما حدث في ليبيا، أو بالأحرى لما قدمه من مساعدة لا تثَمن كي تحقق الثورة الليبية أهدافها. بعد «نجاح» مهمته الإنسانية هناك، قرر سرد تجربته التي سعى من خلالها إلى تطبيق نظرياته وأفكاره التي أثبتت جدواها في ليبيا. لم يبق أمامه الآن سوى الثورة السورية ليدلي بدلوه فيها. برنار هنري ليفي، فعل الكثير في ليبيا، كل ما ظن أنه يلمّع صورته أو بالأحرى يضيف عليها مزيداً من اللمعان، لم تكفه كل المقابلات التلفزيونية والصحافية التي أجريت معه أثناء الثورة الليبية، هو الذي قضى في ليبيا اياماً و «ساهم» في دفع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لاتخاذ القرار بالتدخل، فكان عليه أن يخرج فيلماً وثائقياً بالاشتراك مع أحدهم. لا يهم من يكون، فالمهم اسمه «هو». في «عهد طبرق» لا يروي الفيلسوف الفرنسي الأشهر إعلامياً الثورة الليبية وأحداثها، بل كل ما فعله لأجلها شخص محدد يدعى برنار هنري ليفي. هذا ما سمعناه لا ما شاهدناه. فالفيلم كان في مهرجان «كان» ولم يعرض بعد في دور السينما. لكنّ «البطل» ظهر في برنامج حوار تلفزيوني شهير في فرنسا يعرض كل سبت، بعنوان «لم نرقد بعد»، ويستضيف شخصيات من شتى المجالات في مناسبة حدث ما: ظهور فيلم، صدور كتاب، اشتراك في انتخابات... وفي كل حلقة يكرس ثلاثة إعلاميين كل طاقاتهم ومعارفهم للقضاء على... الضيف! هذا الأسبوع استُضيف ليفي وبالتالي لم تكن ثمة حاجة حقاً لطاقة هائلة لنبش التفاصيل الصغيرة لايقاعه أرضاً، فهي متوافرة بكثرة. إنه فيلسوف يدافع عن قضايا المضطهدين في العالم (ما عدا الذين تضطهدهم اسرائيل)، ونجم يعشق الظهور والفيلم حقق له هوايته كما يبدو، إذ اتهم بحضوره الطاغي في الشريط بحيث طغى على الشعب الليبي، وانتقد لاعطائه شعوراً بأن الفيلم كان لإقناع المشككين بدوره في الثورة وليثبت أنه «فعل حقاً ما فعله». ولم يكتف «الفيلسوف» باحتلاله الصورة، فحين حاور في الفيلم كلينتون ورايس وساركوزي وباراك، تمَ ذلك فقط «كي يحدثونا عما فعله وإلى اية درجة كان مقرراً وكان رائعاً...» وهنا المشكلة! فهو في كل لقطة من البداية وحتى النهاية. المثقف الوسيم ركز أيضاً على وسامته في لقطات تبين قميصه المفتوح ولونه المحمر من الشمس الليبية الحارقة فيما شعره يتطاير... باختصار لم يكن الحدث ما يهم بل «صانعه» وهو بالطبع ليفي. الانتقادات اللاذعة للفيلم ولصانعه من مقدمي البرنامج، وجدت صدى في الاستوديو لدى الجمهور الذي كان يصفق بحرارة تأييداً، هو لم يشاهد الفيلم لكنه يعرف الشخص جيداً! وكما قال ناقد سينمائي في نقده الشريط: «إذا كان من البديهي أن الشعب الليبي دخل التاريخ، فآن الأوان كي يخرج برنار هنري ليفي منه».