برز أخيراً كثير من الأسئلة والرهانات وعلامات الاستفهام حول طرح موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي أسهمه في بورصة «ناسداك»، وقد يعود السبب في ذلك إلى ان العملة هي الأكبر من نوعها في مجال اقتصاد الإنترنت. وعلى رغم احتفاظ مؤسس الشبكة رئيسها التنفيذي مارك زوكربرغ بالحصة الأكبر من الأسهم وسيطرته شبه الكاملة عليها، إلا ان التوقعات فاقت الواقع، فكانت البداية متعثرة، إذ سجل السهم في الجلسة الأولى في 18 أيار (مايو) الماضي أعلى مستوى عند 45 دولاراً فقط في مقابل أدنى مستوى عند 38 دولاراً. وقد تكون خيبة الأمل كما كانت التوقعات كبيرة، ذلك ان طرح «فايسبوك» كان أكثر من مجرد طرح عادي، إذ خابت الآمال في ان يساعد أحد أكبر الطروح العامة الأولية في تاريخ الولاياتالمتحدة في انتشال أسواق الأسهم الأميركية من أجواء التشاؤم التي خيمت عليها منذ بداية الشهر الماضي، كما خابت آمال الشركة ذاتها إذ عكس الإقبال على الأسهم من المتداولين قيمة أقل من قيمتها المتوقعة، خصوصاً ان «فايسبوك» أكد في وثائق الطلب سعيه إلى جمع خمسة بلايين دولار، في حين كانت توقعات المحللين أنه قد يحاول جمع 10 بلايين دولار من المستثمرين. إلى جانب ذلك خابت آمال جمهور هذا الموقع الأكبر للتواصل الاجتماعي على الإنترنت، فمستخدمو الموقع شعروا باستغلال نشاطهم الاجتماعي على الشبكة للدخول في لعبة الأسهم والاستفادة في جني مزيد من الأرباح، علماً أنهم المساهمون الأساسيون في تحقيقها بسبب إقبالهم على الموقع، وأن لدى شبكة التواصل الاجتماعي التي انطلقت قبل ثماني سنوات، نحو 900 مليون مستخدم ناشط على مستوى العالم، وتمكنت العام الماضي من تحقيق مكاسب بقيمة بليون دولار. ووسط هذه الضغوط على موقع التواصل الاجتماعي الأبرز، ظهرت إلى العلن أخبار جدية حول عزم «فايسبوك» دخول صناعة الهواتف الذكية، إذ سبق للشركة ان أعلنت العام الماضي أنها تعكف، وبالتعاون مع «إتش تي سي»، على تطوير هاتف محمول سيطلَق عليه اسم «بافي». وهذه الخطوة وإن عكست تزايد الضغوط على «فايسبوك» كشركة مساهمة عامة في حاجة إلى مصادر دخل جديدة، خصوصاً ان هذه الأنباء تزايدت جديتها بعد أسبوع واحد على طرح الأسهم، فهي تشير أيضاً إلى رغبة جامحة لدى الشركة في إثبات موقعها كشبكة التواصل الاجتماعي الأكبر والأشهر في العالم، وذلك حتى لا تكون مجرد منصة تطبيق، شأنها شأن كثير من التطبيقات التي باتت الخبز اليومي للهواتف الذكية. ف «فايسبوك» يراهن على استخدامه في الهواتف الذكية ليكون المدخل الأساس إلى تحقيق أرباح جديدة، إلا ان كثيراً من التساؤلات تطرَح عن المساحة التي يمكن ان تخصص للإعلان في استخدام كهذا. نجح «فايسبوك» في تشكيل مفهوم جديد للإنترنت والتواصل بين الناس، لكنه غيّر أيضاً كثيراً من المفاهيم الاجتماعية وساهم فعلياً في تحقيق مفهوم القرية العالمية الصغيرة. وفي المقابل، يضع بروز الشبكات المنافسة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عبر الإنترنت، وتململ مستخدمي «فايسبوك» من غير المتداولين في البورصة من فكرة طرح الأسهم، هذا الموقع أمام تحدي الاستمرارية والتنافسية. وما على الجمهور إلا انتظار الجديد الذي سيفاجئنا به زوكربرغ للتحليق بشركته من جديد. * مدير أول للعلاقات العامة في شركة «صحارى» للاستشارات الإعلامية