يحلو لنا أن نطابق بين شارة المسلسل الدرامي وغلاف الكتاب أيَ كتاب، ففي الحالين نحن كمشاهدين أمام إعلان خارجي يراد له أن يكون صاحب انطباعنا الأول ووسيلة اجتذابنا للمشاهدة. هنا، بالذات تحضر الأغنية الخاصة بالمسلسل، والتي تكتب وتلحن من وحي الدراما والقيم التي تتناولها، وبالطبع هي أغنية تأخذ نجاحها من بساطتها وجمالية لحنها وحسن أداء من يغنيها. مع ذلك فأغنيات المسلسلات تتوزع – غالباً – بين نوعين، الأول شديد «الالتصاق» بالحكاية التلفزيونية، وهو يذهب معها، ولا نتذكَرها إلا معه، فيما النوع الثاني يقوم على المزج بين قيم العمل الاجتماعية وحتى الأخلاقية وبين القيم المطلقة، العامة وغير المرتبطة بزمن ما، ناهيك بالطبع عن ارتباطها بالحكاية التلفزيونية وحدها. نتحدث هنا عن أعمال ظلت الأغنيات المرافقة لشارتها الأولى، وحتى الأخيرة في وجداننا لزمن طويل، كما أغنية المسلسل المصري «ليالي الحلمية» أو «ريا وسكينة» أو «الليل وآخره». هي أغنيات رافقتنا مع حلقات مسلسلاتها، لكنها تمكنت أيضاً من البقاء. ذلك يعود بنا إلى الوراء عقوداً مع المسلسل المصري القديم «خيال المآتة» وأغنيته التي تعود بي دوماً لعالم الريف المصري. هل الأغنية مجرَّد «غلاف» خارجي يأخذ دوراً «ترويجياً» تبشّر بدراما ناجحة علينا ألا نتجاهلها؟ إحدى ميزات الدراما التلفزيونية (كما السينمائية) أنها تنهض على مفردات كثيرة من النص والتمثيل والديكور والموسيقى التصويرية... إلخ، ولهذا السبب بالذات تظلُ الأغنية المرافقة للحلقات ضرورة لوضع حروف أولى على جمل مقتضبة تقولها الصورة أو بالأدق الصور المقتطعة من العمل كلّه، والتي تأخذ من السياق مفرداتها أيضاً. شعراء كثر كتبوا أغنيات للأعمال الدرامية، لعلّ من يظلُ في الذاكرة منهم بصورة أقوى سيد حجاب وأحمد فؤاد نجم من دون أن ننسى بالطبع شعراء الجيل الجديد، على أن ما يهمُ قوله هنا هو إقبال عدد من المطربين المصريين النجوم على أداء أغنيات الأعمال الدرامية كما فعل من قبل عدد منهم في الأعمال الإذاعية (شادية في مسلسل «نحن لا نزرع الشوك»، وصباح لمسلسل «الحب الضائع»، ومن قبلهما العندليب عبدالحليم حافظ لمسلسل «معروف الإسكافي»)، وهي أغنيات احتفظت بمكانها في وجداننا وذاكرتنا.