أكد الناقد الدكتور معجب العدواني أن تحقيق التراث أمر ليس سهلاً، مشيراً إلى أنه سعى إلى تقديم التراث «بطريقة حديثة ميسّرة، تستهدف شرائح واسعة من القراء، وهنا سيكون له حضوره المعاصر، فالتراث حقاً كما يرى محمود درويش هو ما نورثه لا ما نرثه». جاء ذلك رداً على سؤال «الحياة» حول رؤية الكثير من الباحثين للتراث بصفتها قضية صعبة والتعامل معها أمر أصعب. وأوضح العدواني، حول كيف يجد إفادة الرواية في السعودية من التراث وأساليبه السردية، أن الرواية العربية «بصورة عامة اتكأت على التراث في تجارب كتابية لعدد من الروائيين والروائيات، وتعدد استلهام الموروث وتوظيفه في روايتنا السعودية في أعمال عدد من الروائيين بأنماط مختلفة، تختلف بحسب فهم الروائي للتراث وطرق توظيفه، وستظل الكتابة الروائية تستوعب أنماطاً أخرى، آمل أن أكشف عن هذا في كتاب جديد سيصدر قريباً بعنوان «الموروث وصناعة الرواية». العدواني، أصدر كتابين دفعة واحدة: «أنموذج القتال في نقل العوال» لشهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبي حجلة التلمساني. و«نزهة أرباب العقول في الشطرنج المنقول» لأبوزكريا يحيى بن إبراهيم الحكيم. وسألته «الحياة» حول الدافع إلى التراث والتحقيق، مع أن تخصصه الأكاديمي في السرديات الحديثة، فقال: «دامت علاقتي بهذين الكتابين قبل إخراجهما أكثر من عشر سنوات، ومن المهم أن أشير إلى أربعة أسباب دفعتني إلى الاشتغال على هذه المنطقة من التراث، وتحقيق المخطوطتين والتقديم لهما: أولها شخصي يتصل بحب اللعبة المبكر، وتفاعلي البدئي معها منذ زمن بعيد. أما الثاني فيتصل بتجربتي السابقة في الكتابة عن اللعبة، إذ سبق لي أن كتبت في هذا الحقل وتتبعته كثيراً، والثالث سبب علمي يتمثل في قيمة المخطوطتين العلمية، تلك القيمة التي استند إليها أبرز مؤرخي لعبة الشطرنج في العالم وهو (موري) الذي كتب كتابه الشهير «تاريخ الشطرنج»، وكان في أصله أطروحة دكتوراه قدمها في جامعة أكسفورد مطلع القرن الماضي، كونهما تمثلان تراثاً مهمشاً في الثقافة العربية الحديثة، وحظيت بعناية واهتمام علماء غربيين أشرت إليهم في مقدمتي الكتابين، في حين كانا في دوائر المهمش العربي ولم يتطرق إليهما الباحثون، لذلك حاولت بإخراجي هذين العملين أن أجسر هذه الفجوة بين مرحلتين في الثقافة العربية من جانب، وبين ثقافتنا العربية والحضارات الأخرى من جانب آخر. وأخيراً أود أن أشير إلى ما يتضمنه العملان من ثراء: فهما نادرتان، وتتناولان لعبة الشطرنج بوصفها خططاً واستراتيجيات، وبوصفها نصوصاً أدبية تضم الطرائف والحكايات والقصائد المتنوعة المشارب المصاحبة للعبة»، لافتاً إلى أن بعض الدارسين يرى في «تاريخ الشطرنج» حرجاً، «وربما كانوا لا يعلمون أن هؤلاء الأدباء والفقهاء كابن أبي حجلة قد بادروا إلى تأليف هذه الأعمال منذ قرون ولم يشعروا بالحرج أو التردد، ولعل تناولهم كان نابعاً من محاولة قراءة اللعبة بوصفها نصاً له سياقاته الثقافية». وحول كتابه الجديد وهل سيكون عن الرواية في السعودية، أشار إلى أنه حاول في العمل المقبل «أن أتناول الرواية العربية بصورة عامة، وللأعمال الروائية السعودية حضورها في التحليل النقدي. ومع كوني أصدرت عملين سابقين عن الرواية السعودية «تشكيل المكان وظلال العتبات»، و«الكتابة والمحو»، إلا أن هناك بعض الدراسات المتصلة بالإبداع السعودي آمل أن أتمكن من نشرها قريباً».