تصاعدت الاحتجاجات على نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في مصر، والتي أسفرت عن جولة إعادة يخوضها الشهر المقبل مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي في مواجهة أحمد شفيق رئيس آخر حكومات الرئيس السابق حسني مبارك، فيما سعى مرسي إلى طمأنة المتخوفين من جماعته، عبر سلسلة من التعهدات والتطمينات أطلقها أمس، بينها تشكيل مؤسسة رئاسة وحكومة ائتلافية بقيادة شخصية مستقلة وعدم المساس بالحريات، سواء في الدستور الجديد أو بالممارسة. (راجع ص9) وعقد مرشح «الإخوان» مؤتمراً صحافياً أمس أطلق فيه سيلاً من التعهدات، وسعى إلى طمأنة الجميع، في محاولة لاستمالة الكتل التصويتية التي تتخوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم أو التي تبحث عن الاستقرار والأمن، إذ تحدث بإسهاب عن إعادة الأمن إلى الشارع ووعد بعدم فرض الحجاب أو أي قيود على النساء. وأفرد مساحة كبيرة من حديثه لحقوق الأقباط الذين قال إنهم «شركاء الوطن لهم حقوقنا وواجباتنا»، ولم يستبعد تعيين نائب قبطي له. وتعهد مزيداً من الانفتاح لضمان زيادة عائدات صناعة السياحة. ولم ينس أن يتطرق إلى أزمة كتابة الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية التي لا تزال تثير هواجس لدى القوى المدنية، إذ التزم الدفع باتجاه إنجاز الدستور خلال شهر «بتشكيل متوازن للجمعية التأسيسية يضم كل أطياف المجتمع»، مؤكداً الإبقاء على المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية على صيغتها الحالية من دون إضافات. وقال: «ألتزم أمام المصريين جميعاً بألا تكون مؤسسة الرئاسة تحت سلطان الفرد الواحد، وإنما ستكون مكونة من الرئيس ونواب رئيس من خارج جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة. سيكون هناك مستشارون من كل التيارات السياسية والأحزاب المختلفة ومن رجال الدولة». وتعهد أن يكون «مجرد مسؤول عن مؤسسة الرئاسة، أما الفعل والتصور والخطة والتشاور فستكون للنواب والمساعدين والمستشارين». وأبدى انفتاحه على مرشحي الرئاسة الذين خرجوا من الجولة الأولى، وقال: «سأستمر كي يكونوا في هذه المؤسسة ومعهم أصحاب الرأي والمرأة والشباب الذين لا بد من أن يكونوا ممثلين بقوة في الفترة المقبلة». وتعهد تشكيل «حكومة ائتلافية موسعة تضم كل الأحزاب الممثلة في البرلمان». ورحبت قوى وشخصيات سياسية، بينها مؤسس حزب «غد الثورة» أيمن نور ومؤسس «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر، بتعهدات مرسي، وإن طلبتها في «وثيقة مكتوبة يوقع عليها الجميع». وتزامن حديث مرسي مع عودة الهدوء الي ميدان التحرير بعد تظاهرات اندلعت مساء أول من أمس احتجاجاً على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات. وتجمع عشرات الآلاف في ميدان التحرير مساء أول من أمس وهتفوا ضد المجلس العسكري وشفيق ومرسي وأحرقوا صوراً لشفيق ومزقوا صوراً لمرسي، لكن شفيق نال القدر الأكبر من الغضب، كما اندلعت تظاهرات مماثلة في محافظات عدة. وشب حريق في مقر حملة شفيق في القاهرة نددت به غالبية القوى السياسية، بما فيها جماعة «الإخوان». ولم تقع خسائر بشرية في الحريق الذي أتى على بعض أجهزة الحاسب الآلي والأثاث وأيضاً الدعاية الانتخابية. وأوقفت أجهزة الأمن أربعة أشخاص يشتبه في ضلوعهم في الحريق، قالت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية إن اثنين منهم عضوان في «حزب العدل» الليبرالي وآخر عضو في «حزب الجبهة الديموقراطية» الليبرالي. وبدا أن الأحداث الأخيرة قد تدفع السلطات إلى تمديد حال الطوارئ التي ينتهي العمل بها غداً رغم عدم إحالة الطلب من المجلس العسكري على البرلمان الذي يشترط الإعلان الدستوري أن يبدي رأيه خلال سبعة أيام من إعلان الطوارئ. وأكدت مصادر متطابقة أن «هناك اتجاهاً لتمديد الطوارئ بعد الأحداث التي شهدتها القاهرة».