أحسَنَ قادةُ اوروبا بطرد السفراء السوريين في دولهم، في تعبير عن استيائهم الكبير ازاء المجازر التي يرتكبها النظام السوري ازاء شعبه. مذابح الأطفال وقصف المدنيين في الحولة وحمص وجميع المدن السورية الباسلة لم يعد محمولاً، مع وحشية ما يحدث وما يعرض من صور مريعة عن مجازر في حق الأطفال خصوصاً. والسؤال اليوم هو: هل نحن في العصر الحجري، حيث تتم مثل هذه الأعمال الكارثية واللاإنسانية ولا أحد يوقفها، لأن السيد أوباما منشغل بحملته الانتخابية ولا يريد تدخلاً عسكرياً، ولأن فرنسا تسحب قواتها من افغانستان ولا تريد تدخلاً عسكرياً آخر؟ إن طرد السفراء خطوة رمزية ولكنها لا توقف القتل والمجازر. وماذا سيقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الجمعة عندما يزوره في باريس؟ هل سيقول له إن ارهابيين ارتكبوا مجازر في سورية ويغض الطرْف عن استخدام النظام السوري الوحشي الأسلحة الروسية والمعدات الإيرانية لتصفية شعبه واطفاله؟ ماذا تريد روسيا؟ ان يكون لها الكلمة في سورية المستقبل، سورية ما بعد الثورة؟ أن تحافظ على قاعدتها العسكرية في طرطوس وتُفهم العالم انها لن تُذَل كما حصل في ليبيا، عندما تم هجوم الناتو على ليبيا ثم توسَّعَ الى تدخل عسكري؟ ولن تذل أيضاً في جورجيا، كما حصل عندما تدخلت الدول للتصدي لهيمنة روسيا على جورجيا وأوكرانيا؟ بوتين صامد في الدفاع عن نظام وحشي يأخذ سورية الى حرب اهلية بدأت بالمجازر، وسيكون من الصعب على الرئيس الروسي ان تكون له كلمة في مستقبل سورية في اطار الحرب الاهلية. ربما روسيا تتمنى تقسيم سورية، ولكن ماذا يبقى من تأثير لروسيا في دولة مقسّمة؟ بوتين يريد حرية التصرف في القوقاز على ألاّ تتدخل الدول الغربية في ما تفعله روسيا فيها. ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والجامعة العربية وافقت على خطة انان رغم الشكوك في نجاحها، لقناعتها بأنها الطريق التي ستؤدي الى إقناع روسيا بأن حليفها النظام السوري لا يطبق حتى ما تطلبه منه هي نفسها. ان زيارة بوتين الى هولاند ستكون بالغة الاهمية، حيث سيحاول الرئيس الفرنسي الجديد بذْلَ جهود كبرى لإقناع بوتين ان استمرار القتل والحرب الاهلية في سورية ليس لمصلحة روسيا وما تريده لهذا البلد، فلا يمكن ان يستمر النظام و65 في المئة من اراضي البلد الآن خارجة عن سلطته. صحيح ان الجيش السوري ما زال صلباً في قتله وتنفيذ قرارات شلة النظام، ولكن على المدى المتوسط هو محكوم بالسقوط، ولكن بأي كلفة؟ الأمل كبير في أن تقوم فرنسا، التي أظهر رئيسها الجديد هولاند انه لن يكون متسامحاً مع نظام قاتل كما وصفه وزير الخارجية لوران فابيوس، بالضغط على الضيف الروسي كي يغير موقفه وكي يكون هناك تدخل قوي وحازم لمجلس الامن، وإلا استمر القتل والخراب وربما توسع الى المنطقة.