المجازر والجرائم لا تدان بأقسى العبارات بل بأشد الإجراءات والمواقف، وأهالي الضحايا السوريون لن يحصلوا على شيء من أقسى عبارات الاستنكار والشجب، سواء صدرت عن دول كبرى أو صغرى. كان من اللافت توقف رئيس المراقبين الدوليين في سورية الجنرال روبرت مود عند الإدانة ب «أشد وأقسى العبارات» للمجزرة البشعة في الحولة، وكل المجازر بشعة، كلما استهدفت مدنيين عزلاً وأطفالاً ونساء تشتد البشاعة لتهز الضمير الإنساني أكثر. مود قال إن هذه أسوأ حادثة منذ اندلاع الثورة في سورية، لكن رئيس بعثة المراقبين الدوليين له وضع مختلف فهو بحكم الوظيفة وغرض جاء لإنجازه في سورية مؤهل لأن يتولى التحقيق في المجزرة وغيرها من المجازر، مثل هذه الجرائم بحاجة الى تحقيق دولي خاصة ونظام بشار الأسد المتهم يتهم أطرافاً أخرى بها، وحينما سئل المتحدث باسم الخارجية السورية عن ما هي فائدة المعارضة السورية من اقتراف مجزرة بشعة كما حدث في الحولة أجاب مقدسي: السؤال يوجه للمعارضة. كان من اللافت أن الولاياتالمتحدة قدمت هدية لدمشق خلال الأسابيع الماضية ما بعد جرائم تفجير السيارات المفخخة، أشارت واشنطن غير مرة إلى وجود تنظيم القاعدة في سورية، وهو أمر معروف فالقاعدة -أو ما يقال إنها القاعدة- كانت تتسلل إلى العراق من الحدود السورية، وكان الشباب العربي يخطفون أو يؤهلون في سورية ثم يسفرون للعراق أيام الحرب الطائفية المستعرة هناك تحت ظل الاحتلال الأميركي الإيراني، الأمر ليس سراً، لكن المريب هو هدية أميركية لابد أن لها هدفاً محدداً، وتنظيم القاعدة أصبح مشجباً من لا مشجب له، وبالحرب الأميركية على الإرهاب اختلطت الامور فأصبح بإمكان أي طرف أن يستخدم اسم القاعدة والإرهاب عند الحاجة، القذافي حاول ذلك، والتنظيم نفسه أسس لهذا ببشاعة تاريخ كريه أوغل في الدماء بوحشية أصابت الإسلام والمسلمين في الخاصرة. الحولة والمجزرة فيها حلقة من سلسلة حلقات القتل اليومي في سورية، أثارت أعداد القتلى وبينهم أطفال ونساء الإدانة الدولية، وتوارى عن الأضواء فرسان ناصروا الثوار السوريين إعلامياً وشحنوهم خاصة أردوغان، الذي قال إنه لن يسمح بمجزرة مثل حماة...، تركوهم في العراء وقت الحاجة. يمكن أن تكون المجزرة البشعة نقطة تحول في حالة الانسداد التي تعيشها سورية، إذا ما تم تحقيق دولي ومراقبو الأممالمتحدة في الموقع، لكن النظام السوري أكثر ذكاء إذ سارع لإعلان تشكيل لجنة تحقيق وأبلغ عنان بذلك واعداً بكشف النتائج خلال ثلاثة أيام، وكأنه يقطع الطريق على تحقيق دولي. www.asuwayed.com @asuwayed