بدأت الشركات الأوروبية والسويسرية، الابتعاد عن القروض المصرفية، واستبدلتها بالتركيز على إصدار السندات الخاصة لتمويل موازناتها ومشاريعها. وأفاد مراقبون بأن القيمة الإجمالية لسندات الشركات في أوروبا التي اشترتها في الربع الأول من السنة للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، تخطت قيمة القروض المصرفية المتراكمة على هذه الشركات ويقدر عددها بالمئات. وسجلت إصدارات سندات الشركات الخاصة في الربع الأول من العام الحالي، زيادة نسبتها 38 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وقفزت قيمتها إلى 180 بليون دولار. فيما تراجعت قيمة القروض المصرفية لمصلحة الشركات الأوروبية والسويسرية بنسبة 45 في المئة على مدى سنة، لتصل إلى 113 بليون دولار فقط. وتُعتبر هذه الظاهرة المشابهة لانقلاب، نادرة الحدوث في سويسرا، حيث لطالما كانت العلاقة بين الشركات والمصارف الغربية وثيقة ومربحة. لكن هذه العلاقة انقلبت في السنوات الخمس الأخيرة، إذ بلغت قيمة القروض المصرفية عام 2007، أي قبل اندلاع أزمة القروض العقارية الأميركية، التي تحوّلت أزمة ائتمانية ثم أزمة ديون سيادية أوروبية، خمسة أضعاف قيمة إصدارات سندات هذه الشركات. وتقف وراء سلوكات الشركات والمصارف أسباب كثيرة، إذ تحتاج المصارف إلى عملية «تنظيف» واسعة النطاق داخل موازناتها لتوثيق أصولها توافقاً مع القوانين المصرفية الأوروبية الجديدة، المنتمية إلى «بازل 3»، فيما يزداد الإقبال على سوق سندات الشركات الخاصة يوماً بعد آخر. ويفسر الخبراء السويسريون هذا الإقبال غير المعتاد على سوق السندات الخاصة بتراجع عمليات الشراء الخطرة داخل نوع آخر من أسواق السندات، هي سندات خزائن حكومات منطقة اليورو التي أضحت لقمة سائغة للمضاربات. تآكل نسبة الفوائد في مطلق الأحوال، يلاحظ خبراء البورصات الغربية تآكل نسبة الفوائد، التي تعطيها سندات الشركات الأوروبية والسويسرية، من 4.84 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، نزولاً إلى 3.57 في المئة في الربع الأول من هذه السنة. في حين ترتفع فوائد القروض المصرفية، ما يسبّب قلقاً. وعلى رغم أن سلوكات الشركات الأوروبية والسويسرية تتخذ طابعاً دفاعياً، إلاّ أن سيولتها النقدية، اعتماداً على موضة عمليات التمويل الذاتي الجديدة من طريق بيع السندات الخاصة، تخضع مباشرة لتقلبات شرسة، وفي بعض الأحيان عدوانية، تصيب الأسواق المالية. وفي ضوء غياب الثقة بين الشركات والمصارف، لا نستطيع القول إن المراحل التي ستسبق الانتعاش الاقتصادي العالمي «المنشود»، ستكون أوقاتها ممتعة للجميع.