في وقت لم تؤدِ المحادثات التي أجرتها مجموعة الدول الست مع ايران في بغداد الاربعاء والخميس الماضيين، عن نتائج ملموسة في الملف النووي لطهران، وانتهى بالاتفاق على عقد لقاء جديد في موسكو في 18 و19 حزيران (يونيو) المقبل، اختلف الايرانيون حول نتائج اجتماع بغداد، إذ أشاد بعضهم بنجاح المفاوضين الايرانيين في ادارة حوار من دون التنازل عن الثوابت، بينما انتقد آخرون محاولة الغرب، وتحديداً الولاياتالمتحدة، مواصلة «المحادثات من اجل المحادثات» من دون التوصل الي نتائج، لذا طالبوا بالانسحاب من المفاوضات، في حال لم تبحث في اجندة واضحة على قاعدة الاعتراف بحق ايران في امتلاك تقنية كاملة للطاقة النووية السلمية. اما القسم الثالث فرأي ان اجتماع بغداد لازم الطريق المسدود بسبب تأثير اسرائيل على المحادثات، وهو ما اكدته زيارة رئيسة الوفد الأميركي ويندي شيرمان الى اسرائيل غداة الاجتماع من اجل «وضع الحكومة الاسرائيلية في اجواء المناقشات». في المقابل، حاول غالبية السياسيين دعم المحادثات والترويج لايجابياتها، معتبرين ان مجرد الاتفاق علي تاريخ الاجتماع المقبل ومكانه انجاز بحد ذاته حققه اجتماع بغداد. وحاول كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي عبر زيارته مع مساعده علي باقري مسجد الكوفة ومرجعيات النجف الدينية، توجيه رسالة واضحة للغرب عن عدم اكتراث طهران بنتائج المحادثات، وانها غير مستعجلة لسماع تقريره للقيادة حول حصيلة اجتماع بغداد، علماً ان وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون كانت وصفت المحادثات بأنها «كانت صعبة وشاقة وحملت وجهات نظر متباعدة». وتحدثت مصادر ايرانية عن ان «وفد طهران لم يهتم بعقد الجولة الثانية في اليوم الثاني لمحادثات بغداد، لولا اصرار الجانب الغربي علي عقدها للاتفاق علي موعد ومكان الاجتماع التالي». وكشفت مصادر ديبلوماسية ايرانية ايضاً ان «الغرب طرح علي طهران وقف نشاطات التخصيب بنسبة 20 في المئة، وإرسال ما تملكه ايران من يورانيوم مخصب بهذه النسبة في مقابل سعي الدول الغربية» وليس تعهدها، تأمين قضبان وقود مستخدمة في مفاعل طهران». وأضافت المصادر ان الغرب طالب طهران بتعهد التوقيع علي البرتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، في مقابل عدم تعهد الغرب بإرجاع الملف الايراني من مجلس الامن الى لوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفع العقوبات الاقتصادية علي ايران لأنها ليست من صلاحية المفاوضين الغربيين في هذا الاجتماع». وتوقعت هذه المصادر ان تلجأ ايران الى خيار «المشاركة» في المحادثات المقبلة، وليس «الاشتراك» فيها، ما يعني استمرار المفاوضات الباردة» في انتظار متغيرات جديدة تشجع الايرانيين والغربيين على التفكير بجدية في الاقتراحات المقدمة، أو النظر في القواسم المشتركة لهذه الاقتراحات. وكان لافتاً دعوة صحيفة «كيهان» المتشددة في افتتاحيتها الى «وقف المحادثات»، وتوقعها «الا يؤدي اجتماع موسكو الى شيء، خصوصاً ان اجتماع بغداد اظهر ان القوى الست لا تريد الاستمرار في التفاوض الا للسيطرة على سعر النفط، وتعويض تراجع نفوذها في العالم العربي. كما تريد الادارة الأميركية الديموقراطية كسب الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر)». وكتب مدير الصحيفة حسين شريعة مداري «ان وجودنا في موسكو سيساعد اعداءنا فقط». وحتى صحيفة «اعتماد» الاصلاحية فأبدت خيبتها، وكتبت «الحد الادنى الذي تتوقعه ايران هو ازالة شبح التهديدات والعقوبات»، وطالبت القوى الست بأن تكون «بناءة أكثر».