في إطار النتائج التي توصلت إليها إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، خلال محادثات إسطنبول، ثمة مشاورات مكثفة لوضع صيغة ترضي الجانبين، قبل الجولة المقبلة من المحادثات في بغداد بعد نحو ثلاثة أسابيع. وقالت مصادر في طهران إن علي باقري، مساعد سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يجري محاثات مكثفة مع هيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون، لوضع خريطة طريق لمحادثات بغداد، بعد موافقة الغربيين على عدم التطرق إلى مسألة تخصيب اليورانيوم خلال اجتماع إسطنبول، ما اعتبره الإيرانيون بادرة إيجابية يمكن البناء عليها لمواصلة المحادثات. وأشارت المصادر إلى أداء باقري دوراً أساسياً في اللقاءات الجارية الآن مع الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، خصوصاً أنه كان عقد اجتماعات مع القيادتين الروسية والصينية، قبل لقاء إسطنبول، كما بدأ الثلثاء زيارة إلى بكينوموسكو، ليناقش مع المسؤولين الصينيين والروس جولة المحادثات في بغداد. وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي تسلّم الأسبوع الماضي رسالة من نظيره الروسي سيرغي لافروف، تتصل باقتراح موسكو تسوية الملف النووي الإيراني «خطوة خطوة»، بمعنى تجاوب طهران مع طلبات للغرب في مقابل رفع عقوبات عنها. ولم يعلّق صالحي علي معلومات أميركية أفادت باحتمال موافقة الغرب علي تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 5 في المئة، في مقابل توقيعها البرتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يتيح عمليات تفتيش مشددة للمنشآت الذرية. لكن مصادر إيرانية تؤكد أن طهران تريد انتزاع اعتراف غربي بحقها في امتلاك «الدورة الكاملة للتكنولوجيا النووية»، بما في ذلك التخصيب وإنتاج وقود نووي يُستخدم لأغراض سلمية. وتري أوساط ديبلوماسية أن اعتراف الدول الغربية بالتخصيب في إيران بنسبة 5 في المئة، يوجب علي مجلس الأمن إعادة الملف النووي الإيراني إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لانتفاء أسباب إحالته علي المجلس وفرضه عقوبات علي طهران. لكن واشنطن نفت الحديث عن احتمال السماح لطهران بالتخصيب بنسبة 5 في المئة، إذ قالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: «موقفنا ما زال ثابتاً: نريد أن تلتزم إيران بواجباتها الدولية، بما في ذلك وقف التخصيب». وتفيد معلومات وردت من اجتماع اسطنبول، بأن الغربيين لم يتطرقوا إلي منشأة التخصيب المحصنة في فردو قرب مدينة قم، لأن إيران لا تريد مناقشة هذا الموقع الذي بنته ليكون بديلاً من منشأة ناتانز التي يسهل قصفها. ولفتت مصادر إيرانية إلى وجود نقطة مشتركة يستند إليها الجانبان في محادثاتهما، تتمثل في نية طهران الامتناع عن التخصيب بنسبة أكثر من 5 في المئة، خصوصاً إذا تعهد الغرب تزويدها وقوداً مخصباً بنسبة 20 في المئة، لتشغيل مفاعل طهران للبحوث الطبية، في مقابل توقيع إيران البرتوكول الإضافي.