دخلت أزمة ارتفاع أسعار الأسمنت منعطفاً جديداً في المنطقة الغربية، وقفز سعر الكيس إلى 23 ريالاً في بعض المدن، فيما كشف متعاملون في السوق أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الأسمنت يعود إلى اتفاق شركات المقاولات الكبرى التي تنفذ مشاريع حكومية وعمرانية ضخمة مع مصانع الأسمنت بحجز خطوط إنتاج كاملة لتلبية طلبها. وأوضح هؤلاء ل«الحياة» أن اتفاق تلك الشركات أسهم في رفع الأسعار عن السعر الذي حددته وزارة التجارة، وبخاصة في السوق السوداء، وشددوا على ضرورة سماح وزارة التجارة بإقامة مصانع وخطوط إنتاج «متوسطة» لتلبية الطلب في كل المدن، وكسر احتكار المصانع الحالية لمعالجة الأزمة بشكل نهائي. وقال مدير مصانع أسمنت الجنوب سلطان بن شيلة، إن «المشكلة ستستمر ما دامت الإجراءات التنظيمية تعيق افتتاح فروع وإنشاء مصانع في المدن التي تشهد نهضة عمرانية تراعي الاشتراطات الصحية والتنظيمية في هذا المجال». وأضاف: «المشكلة تتعلق بأن الإنتاج ثابت في كل المصانع والشركات، والمشاريع في زيادة، وبالتالي فإنه لن تتم تلبية كل الطلب، ما دامت هذه المعادلة قائمة، الأمر الذي يفرض على وزارة التجارة إيجاد حل عاجل للمشكلة التي عادة ما يتحمل تبعاتها المواطنون أصحاب الطلبيات البسيطة ممن يريد بناء فيلا أو عمارة، إذ لا يجدون الأسمنت أو يضطرون لشرائه من السوق السوداء بأسعار عالية». وذكر ابن شيلة وهو عضو في لجنة الخرسانة الجاهزة بغرفة جدة أن استيراد الأسمنت غير منظم وغير منضبط، ووزارة التجارة لا تعترف إلا بمصانع محددة للاستيراد، وهناك مصانع جيدة لا تعترف بها الوزارة، فمثلاً مصانع بريطانيا معترف بها، بينما هناك مصانع جيدة بل ممتازة في مصر ودول قريبة غير معترف بها. وطالب وزارة التجارة بوضع تشريعات واضحة للقضاء على العشوائية في الاستيراد، وقال «نحن في لجنة الخرسانة الجاهزة رفعنا أكثر من مقترح لوزارة التجارة ولم تتجاوب معها، وبالتالي فالمسألة تحتاج إلى تشريعات واضحة ودقيقة من أجل القضاء على المشكلة». وأوضح مقاولون أن مشكلة الأسمنت ستستمر ما دامت المصانع محدودة وتحتكر الإنتاج، مؤكدين أن المصانع تقوم بإرسال كميات بسيطة من الأسمنت إلى السوق، بينما ترسل إنتاجها الرئيسي إلى شركات المقاولات المعروفة والكبيرة التي قامت بحجز الكميات بشكل نهائي، وأبرمت عقوداً طويلة الأجل مع المصانع من أجل احتكار الكميات الكبيرة. وأشاروا إلى أن المصانع تضطر إلى إرسال كميات أكبر إلى السوق بعد التضييق عليها من وزارة التجارة، حتى تعود الأسعار إلى مستوياتها الرسمية، ثم تقل الكميات وتعود الأزمة مرة أخرى. وبشأن أسعار الأسمنت، أوضح موزعون أنها استقرت في مكةالمكرمة أمس عند 20 ريالاً للكيس، بينما ارتفعت الأسعار في الطائف إلى 23 ريالاً. وقال الموزع ممدوح الشعيبي، إن الأسعار تختلف في اليوم الواحد، اعتماداً على توافر ناقلات الأسمنت التي تناقصت في الآونة الأخيرة، وأصبحت الشاحنات تتكدس أمام المصانع، لافتاً إلى أن المصانع محدودة والطلب مرتفع في كل المنطقة الغربية، وبخاصة مكةالمكرمة التي تشهد عمليات بناء أبراج وفنادق.