تبنت جماعة «أنصار الشريعة» التابعة لتنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» المسؤولية عن العملية الانتحارية التي استهدفت عرضاً تدريبياً عسكرياً في ميدان السبعين بالعاصمة اليمنية صنعاء وأسفرت عن مقتل نحو 100 جندي وجرح اكثر من 300، في أكبر واخطر هجوم انتحاري يستهدف الجيش اليمني منذ بدء عملية انتقال السلطة في اليمن. وقال مصدر مقرب من الجماعة ل «الحياة» عبر الهاتف، إن منفذ الهجوم جندي في قوات الأمن المركزي يعمل لحساب «القاعدة» وأن الحزام الناسف الذي استخدمه الانتحاري كان يزن 7 كيلوغرامات ويحتوي على 13 ألف شظية. وأضاف أن الانتحاري كان يلفّ الحزام الناسف حول خصره وعلى منطقتي البطن والظهر. وكان أحد الجنود المشاركين في تدريبات للعرض العسكري الذي يفترض أن تشهده صنعاء اليوم لمناسبة ذكرى الوحدة اليمنية فجر نفسه خلال تدريبات قرب بوابة العرض العسكري في سرية من الأمن المركزي (كتائب عسكرية)، حيث كان مئات الجنود من مختلف الوحدات يجرون البروفات الأخيرة. وعرض التلفزيون اليمني صوراً لمكان الانفجار بعيد الحادث تظهر أكواماً من جثث الجنود ملقاة على الأرض ومضرجة بالدماء. وأغلقت السلطات جميع الطرقات المؤدية إلى ميدان السبعين، في حين شوهدت سيارات الإسعاف وهي تهرع إلى المكان لنقل الجرحى. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن «انفجاراً ضخماً وقع صباح اليوم (أمس) في ساحة ميدان السبعين مستهدفاً السرايا الأمنية والعسكرية التي كانت تشارك في بروفات للعرض العسكري المقرر إقامته يوم غد (اليوم) لمناسبة العيد الوطني الثاني والعشرين للجمهورية اليمنية». وأوضح المصدر انه «نتج من هذا العمل الإرهابي البشع استشهاد أكثر من 90 جندياً فضلاً عن إصابة مائتين و22 آخرين من الجنود من منتسبي الأمن المركزي وطلاب كلية الشرطة والكلية الحربية والنجدة». وأضاف أن «سيارات الإسعاف هرعت إلى موقع الحادث لنقل الشهداء والجرحى إلى عدد من مستشفيات العاصمة صنعاء في الوقت الذي باشر فيه خبراء مسرح الجريمة من الإدارة العامة للأدلة الجنائية بجمع آثار مسرح الجريمة ومعرفة نوعية المواد المتفجرة المستخدمة فيه». ولفت المصدر إلى أن «وزير الداخلية وجه بتشكيل لجنة للتحقيق من الجهات ذات العلاقة لجمع الاستدلالات ومعرفة ملابسات هذا العمل الإرهابي الغادر بغية كشف خيوط مدبريه ومن يقف وراءه». وتابع أن «هذا العمل الإرهابي لن يزيد أبطال القوات المسلحة والأمن إلا إصراراً في مواجهة العناصر الإرهابية بلا هوادة حتى يتم استئصال شأفة الإرهاب وتطهير يمن الإيمان والحكمة من رجس أعمالهم الشيطانية التي تتنافى ليس مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف فحسب وإنما مع كل قيم وأخلاقيات شعبنا الفاضلة وكل القيم الإنسانية»، مشدداً على «أن من يقفون وراء هذه المجزرة البشعة لن يفلتوا من العقاب عاجلاً أم أجلاً». من جهة ثانية، أعلنت «أنصار الشريعة» مسؤوليتها أيضاً عن محاولة اغتيال ثلاثة خبراء عسكريين أميركيين في مدينة الحديدة غربي اليمن، الأحد الفائت، وصفت إصابة أحدهم بأنها «خطرة». وقالت الجماعة في بيان نشر امس إن «ثلاثة خبراء عسكريين أميركيين سقطوا جرحى صباح الأحد وإصابة أحدهم خطرة، إثر كمين نصبه لهم مجاهدو أنصار الشريعة في مدينة الحديدة». ونقل البيان عن «مصدر إعلامي» في الجماعة قوله إن «المجاهدين رصدوا أربعة خبراء أميركيين يعملون ضباطاً في تدريب قوات خفر السواحل التابعة لنظام صنعاء، وترقبوهم عند خروجهم من الفندق الذي يقيمون به حيث استقلوا سيارتين مدنيتين وفي أثناء توجههم إلى موقع عملهم فتح عليهم المجاهدون نيران أسلحتهم». وكانت مصادر ديبلوماسية في صنعاء وأخرى أمنية في الحديدة أكدت وقوع الهجوم، مشيرة إلى أنه تم إجلاء الخبراء الأميركيين من المدينة. وذكرت المصادر بأن هناك بالفعل خبراء اميركيين يعملون في تدريب قوات خفر السواحل اليمنية في الحديدة وخبراء آخرين في صنعاء وفي قاعدة العند في الجنوب، ويعتقد أن هؤلاء يساعدون في إدارة العمليات ضد «القاعدة» في محافظة أبين جنوب البلاد. ويأتي هذا الهجوم بعد أقل من أسبوعين على هجوم مماثل استهدف مبنى ينزل فيه عسكريون أميركيون في قاعدة العند بمحافظة لحج (جنوب) من غير أن يسفر عن إصابات، كما وقع هجوم مماثل في محافظة عدن قبل نحو شهرين، واستهدف ضابطاً أميركياً يعمل بمكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) وأسفر عن مقتله. وعلى صعيد المواجهات الدائرة بين القوات الحكومية اليمنية ومسلحي «القاعدة» منذ نحو أسبوعين في أبين، قالت مصادر «أنصار الشريعة» إن مقاتليها استولوا أمس على مواقع عسكرية كانت تحت سيطرة الجيش في منطقة باجدار على مشارف مدينة زنجبار عاصمة أبين. وفي حين أكدت مصادر عسكرية ومحلية في أبين تقدم القوات الحكومية إلى تخوم مدينة جعار التي توشك على اقتحامها، وتوغل وحدات من الجيش في أطراف مدينة زنجبار تمهيداً لتحريرها من المتشددين، أضافت المصادر أن «المقاتلين» استولوا على دبابة وعتاد عسكري من بينها مدفع مضاد للطيران. وكانت وكالة مدد الإخبارية التابعة للجماعة قالت في منشور على صفحتها في موقع «فايسبوك» إن مقاتليها تمكنوا من تدمير دبابة والاستيلاء على أخرى في هجوم السبت على مواقع للجيش في منطقة الحرور بين محافظتي أبين ولحج. وفي منشور آخر، اعترفت الجماعة بمقتل اثنين من أتباعها في غارة جوية بطائرة يعتقد أنها أميركية، استهدفتهما السبت في محافظة البيضاء شمالي اليمن.