شددت اللجنة الفنية للبرنامج الوطني الإلزامي لكفاءة الطاقة الأسبوع الماضي على أهمية تضافر جهود الجهات المعنية في المملكة، لمواجهة التحديات في قطاع الطاقة، واستثمار الكثير من الجهد لترشيدها، والرفع من كفاءة استخدامها. وأكد رئيس الاجتماع مساعد وزير البترول لشؤون البترول رئيس اللجنة الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المملكة تمضي قدماً بخطوات عملية في هذا الاتجاه. الكلام مبهج، وأبهجني أيضاً وجود برنامج وطني إلزامي لكفاءة الطاقة. ولتقصير معرفي مني لم أكن أعلم بوجوده، وأعلم أن كثيراً منكم لا يعرفونه، ربما لأنه معني بالمتخصصين وكبار منتجي ومستهلكي الطاقة بجميع أنواعها. تسليط الضوء على اجتماع اللجنة أفادنا لكي نعرف أن المملكة قامت بخطوات عملية في مجال رفع كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة، إذ تم إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة بمبادرة من وزارة البترول والثروة المعدنية، كما أن الجهود قائمة الآن في البرنامج الوطني الإلزامي لترشيد الطاقة الذي سيتم اعتماده نهاية هذا العام. وهذا أيضاً برنامج آخر جدير بالمعرفة والمؤازرة، فنحن بحاجة - كما خلص اجتماع اللجنة - إلى بناء مبادرات وطنية لكفاءة استخدام الطاقة في كل القطاعات. الطاقة شيء ناضب، وإذا لم تكن فهي - على الأقل - ترتفع كلفتها، لارتفاع كلفة إنتاجها عاماً بعد عام. وإذا كان التركيز سيكون أولاً على المنشآت الصناعية والشركات والقطاعات العملاقة، فإن ثقافة الترشيد أيضاً يجب أن تكون جزءاً من سلوكياتنا، فنحن نحصل على الطاقة لبيوتنا وسياراتنا بأسعار تعتبر منخفضة في العرف العالمي، لأننا بلد غني - ولله الحمد - تدعم حكومته حاجات مواطنيها. لكن هذا الدعم يجب أن يقابله وعي بأهمية الترشيد والكفاءة في استخدام الطاقة. تذكرت، وأنا أقرأ تغطية اجتماعات اللجنة، تقرير «تشاتام هاوس» - أحد مراكز الدراسات البريطانية - عن البترول في المملكة، الذي رسم توقعات مسار ثلاثة متغيرات بترولية في المملكة هي: إنتاج البترول، واستهلاك البترول، وصادرات البترول من عام 2001 إلى عام 2045. وهو رسم مسارات وتوقعات شخصياً لا أحسبها دقيقة، وأثق أن لدينا محلياً أدق وأهم منها. لكن الفكرة إجمالاً هي أن إنتاج النفط كأحد أهم مصادر الطاقة لا بد أن يقل على المدى الطويل، أو ترتفع كلفته، في مقابل ارتفاع للاستهلاك أيضاً هو طبيعي، لازدياد عدد السكان، ونشاطاتهم بكل أنواعها. الوهلة الأولى تشي بأن الكفاءة والترشيد أنهما مسؤولية الحكومة، إلا أنني أعتقد أنها أيضاً مسؤولية الناس. مسؤولية ثقافتهم الاستهلاكية للطاقة بجميع أنواعها. وإذا كنا نعيش في رغد من الطاقة - إن صحت العبارة - فهي لن تدوم بحكم الطبيعة. الأسعار المنخفضة والمدعومة لجميع أنواع الطاقة للمصانع والمساكن والمراكز التجارية والمشاريع الزراعية يجب أن نحافظ عليها بجعل الترشيد هدفاً، وجعل كفاءة الاستخدام وسيلة لتحقيق ذلك الهدف، لأنه استراتيجي للأمة، ولمستقبل الأجيال. [email protected]