تنطلق اليوم في العاصمة التونسية، الدورة الأولى من مهرجان الكوميديا المتوسطية المختصص في عروض ال «وان مان شو» وتستمر حتى الأحد المقبل، بعروض مسرحية وكوميدية محلية ومؤتمرات صحافية، وبتنظيم من مؤسسة «نوت فاوند برود»، تحت شعار «لنبتسم معاً». ويؤكد القيّمون على المهرجان أن اختيار هذا الشعار يعود إلى حاجة الإنسان الملحّة إلى الابتسام و»رسم ملامح غد أفضل كله تفاؤل وأكثر إشراقاً». وتهدف التظاهرة إلى ابراز الممثلين المحليين من خلال عروض حيّة، وتمت برمجة مؤتمرات صحافية إثر كل عرض للتفاعل بين الجمهور والممثل المسرحي. وسيقدّم المهرجان ثلاثة عروض قدّم اثنان سابقاً وهما «مدام كنزة في اعتصام» و»التونسي بوان كوم»، ولكنّ أصحاب العملين أجريا إضافات عدة على مستويي النص والأداء بعد ثورة 14 يناير، ما زاد من جرعة النقد والتصريح بعدما كان التلميح سيد الموقف، فضلاً عن عرض عرفه الجمهور التونسي من خلال إحدى الفضائيات حوّله الإعلامي نوفل الورتاني ليتلاءم مع خشبة المسرح وليكون عرضاً متجدداً حسب ما تعيشه البلاد من أحداث. وتدور أحداث مسرحية «مدام كنزة في اعتصام» حول امرأة خمسينية تستعيد تفاصيل حكايتها ومعاناتها في الحياة. ولمدام كنزة ابن اسمه ياسين حصل على شهادة عليا، لكنه ظل عاطلاً من العمل. وفي إطار سردها لمأساتها تصف علاقتها الفاترة مع عائلتها في صباها ونظرتها الساخرة الى العديد من الشؤون الحياتية. وتفاجأ مدام كنزة بسفر ابنها خلسة إلى الخارج، وسجنه في ايطاليا، فتقرر اللحاق به. وبعد محاولات تتمكن من إنقاذه والعودة به إلى تونس، وتدخل في اعتصام من أجل إيجاد عمل له ليحفظ كرامته ويكون عنصراً فاعلاً في المجتمع. ويعتبر العمل صرخة ألم في وجه السلطة والمجتمع من أجل إيجاد حياة كريمة لحاملي الشهادات العليا. في المقابل، استطاعت مسرحية «التونسي بوان كوم « لجعفر القاسمي منذ ظهورها في نسختها الجديدة، الغوص في يوميات التونسي بما فيها من طفولة وذكريات الصبا واستبطان أفكاره وأحلامه وحياته بكل ما فيها من انتصارات وانكسارات. ويجد القاسمي مع كل عرض مختلف وجمهور مغاير، القاسم المشترك بين الجميع لأن الحكايات التي يسردها هي ذكريات جماعية، وأغانٍ لطالما رددها التونسيون في صغرهم ك «طابع سكر في الكياس» أو بعض ألعاب الطفولة مثل لعبة «سارق... مفتش... حاكم... وجلاد «. ولكنّ أصحاب العمل يؤكدون أنّ النسخة الجديدة خالية تماماً من السياسة. ويستضيف المهرجان عرضاً بعنوان «لاباس شو Best off» من بطولة فيصل الحذيري وبسام الحمراوي والعربي المازني وهناء شعشوع. شكل البرنامج التلفزيوني «لاباس» للإعلامي نوفل الورتاني إضافة للمشهد الإعلامي التونسي دعماً للساحة الكوميدية، فإلى جانب الاستضافات المختلفة، طُعمت الحلقات بتدخلات كوميدية لممثلين شبان استطاعوا أن يرسموا الابتسامة على شفاه المشاهدين بعفويتهم وبتدخلاتهم التي لا تخلو من الفكاهة والنقد الاجتماعي الساخر. وتبعاً للنجاح الجماهيري لفقرة الكوميديا فكر الورتاني في دعوة هذه الأسماء وإعطائها فرصة ملاقاة الجمهور وجهاً لوجه وتقديم أفضل النصوص، قد تكون تأشيرة انطلاقهم نحو النجاح الجماهيري وعرض «كوميدي لاباس شو» هو رؤية استشرافية نحو خلق جيل جديد من الكوميديين الشبان وتقديم نوعية واقعية من السخرية التونسية على الأحداث والتي تدور في أوساط الشباب، وإعطاء هؤلاء الشباب فرصة البروز.