بين الوسائل المتباينة التي يلجأ إليها مرشحو الرئاسة المصرية وأنصارهم من الحملات الدعائية الباهظة إلى البحث في تاريخ الخصوم، يتميز «الإخوان المسلمين» باستخدام الفتاوى والمساجد بكثافة لدعم مرشحهم محمد مرسي، فأطلق دعاة مرتبطون بالجماعة سيلاً من الفتاوى السياسية، تارة للتحذير من «الإثم» بالتصويت لمنافسين وأخرى تعتبر أن مرسي «الوحيد الذي يحمل المشروع الإسلامي». وبعد فتوى للداعية السلفي البارز أحمد المحلاوي بأن الناخبين «مطالبون شرعاً بالتصويت لمرسي، وليسوا مخيرين»، دخل الداعية القريب من «الإخوان» وجدي غنيم على الخط، منتقداً دعم المرشح الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح. واعتبر في رسالة صوتية لام فيها جماعة «الدعوة السلفية» على دعم أبو الفتوح، أن الأخير «ليبرالي وليس إسلامياً... والله سيسألكم عن دعم مرسي». وأفتى نائب الأمين العام ل «الجمعية الشرعية»، وهي إحدى أذرع التيار السلفي، مصطفى إسماعيل، بضرورة التصويت لمرسي «لكونه يحمل مشروعاً إسلامياً». وأثار سيل الفتاوى السياسية تحذيرات وانتقادات لاستغلال الدين في الدعاية للمرشحين، لا سيما أن الأمر مرشح للاحتدام مع اقتراب يوم الاقتراع. وانتقد رئيس لجنة الفتوى في الأزهر سيد زايد «الإخوان»، معتبراً أن «هؤلاء كانوا سبباً في منع تطبيق الشرع في مصر، إذ أصدروا فتاوى من أجل مصالحهم فقط». وقال: «لا نريد رئيساً يقبّل يد المرشد ويتلقى تعليماته منه، فيحول مصر إلى إيران جديدة». وانتقدت استاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر آمنة نصير استخدام الشعارات الدينية أو أوصاف الأنبياء في تزكية مرشح على آخر، معتبرة أنه «تجارة بالدين». وقالت: «هناك من يستخدم الفتاوى السياسية لتضليل المجتمع، مستغلا الأمية الأبجدية والدينية لدى المصريين... بكل أسف هم يستغلون المسميات الدينية لكسب العواطف». وأضافت: «أشعر بالاستياء وعدم الراحة العقائدية لتوظيف الدين لمآرب خاصة وتوجهات شخصية بحتة، ما يضلل شرائح مجتمعية كثيرة». وشددت على أن «لا يجوز تسخير مفردات الدين لمصالح شخصية... نحن نعيش في زمن التجارة بالدين للصب في حصاد دنيوي». وتدخلت وزارة الأوقاف في هذا الجدال، فدعا الوزير محمد عبدالفضيل القوصي جميع مرشحي الرئاسة إلى «الحرص على عدم إنتهاك حرمة المساجد بالدعاية الانتخابية»، مؤكداً «ضرورة أن تظل المساجد بيوتاً لله وصروحاً للعبادة لا يجوز الزج بها في مهاترات وخلافات سياسية تفسد على المسلمين روحانيتهم وصفاءهم وأداءهم للشعائر الدينية». وشدد على «ضرورة التزام الدعاة الحيدة التامة من دون الانحياز إلى فصيل أو اتجاه أو استخدام منابرهم فى الدعاية لأحد». وحذر من «حساب عسير لمن تثبت مخالفته لهذه التعليمات التي تعبر عن روح الإسلام الصافية السمحة، حرصاً على مصلحة الأمة ومستقبلها». وعلمت «الحياة» أن توجيهات صدرت إلى جميع مديريات الأوقاف في المحافظات للتنبيه على الأئمة وخطباء المساجد بعدم السماح باستخدام المساجد في الدعاية الانتخابية لمرشحي الرئاسة «حتى لا تتحول المساجد عن غايتها». وانتقد مسؤول عسكري «محاولة بعض القوى والتيارات استغلال دور العبادة في الترويج لمرشحي الرئاسة». وشدد على «ضرورة الالتزام بالقواعد التي أقرتها لجنة الانتخابات الرئاسية بعدم استغلال الشعارات والرموز الدينية في الدعاية الانتخابية». وهدد بإحالة من يستخدم الدين على النيابة العامة، موضحاً أن «الشعارات أو الرموز الدينية هي كل ما ينطوي على فعل أو قول أو شعار ينتمي إلى طائفة دينية معينة، وقانون الرئاسة يحظر تلك الشعارات والرموز بأي صورة من الأشكال». وأردف: «سيتم رصد ومتابعة الدعاية وسبق وأن شكلت اللجنة الرئاسية لجنة لرصد تلك المخالفات، سواء في حجم ومصادر إنفاق المرشحين أو ما يقومون به من انتهاكات في الدعاية مثل استخدام الشعارات الدينية أو التهديد».