على رغم أن الإعلان الدستوري الحاكم للمرحلة الانتقالية في مصر يحظر مباشرة أي نشاط سياسي على أساس ديني، كما أن القانون يحظر ممارسة أي نشاط سياسي في دور العبادة، إلا أن غالبية مساجد مصر تحولت إلى منابر دعائية لمرشحي التيار الإسلامي في انتخابات الرئاسة، وربما هي المنبر الأهم. فلا جماعة «الإخوان المسلمين» ولا التيار السلفي التزما حظر الدعاية في المساجد، على اعتبار أنها النطاق الحيوي للتيار الإسلامي الذي دفع بمرشحين جدد تحسباً لاستبعاد مرشحيه الأصليين من سباق الانتخابات بسبب مشاكل قانونية. وتجلى خرق قرار استخدام دور العبادة في الدعاية الانتخابية في ندوات ومؤتمرات المرشح للرئاسة الداعية السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل الذي دأب على عقد ندوة أسبوعية في مسجد أسد بن الفرات تحولت تدريجاً من ندوة دينية دعوية إلى مؤتمر سياسي دعائي يشن فيه أبو إسماعيل هجوماً شرساً على خصومه ويوجه رسائل عدة لحلفائه وأنصاره. وما إن أعلنت اللجنة القضائية العليا لانتخابات الرئاسة أنه ثبت لديها أن والدة أبو إسماعيل تحمل الجنسية الأميركية، حتى توجه المرشح - الداعية إلى منبره وشن هجوماً ضارياً على اللجنة والمجلس العسكري، معتبراً أن أميركا وإسرائيل تقفان خلف عرقلة ترشيحه. جماعة «الإخوان» هي الأخرى لم تفصل بين المساجد والدعاية السياسية، فبعد أن طرحت نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر مرشحاً للرئاسة، نشط شيوخها في الزوايا والمساجد النائية والكبيرة لحض القواعد على دعم قرار القيادة، خصوصاً في ظل معارضة قطاع من شباب الجماعة ترشيح الشاطر وميلهم إلى القيادي «الإخواني» السابق عبدالمنعم أبو الفتوح. ودأبت جماعة «الإخوان» على توزيع بيانات في المساجد، خصوصاً بعد صلاة الجمعة، تشرح فيها سياساتها وتبرر مواقفها لا سيما لجهة مطالبتها بإقالة حكومة رئيس الوزراء كمال الجنزوري وأيضا طرح الشاطر مرشحاً للرئاسة، على رغم قرار الجماعة السابق عدم المنافسة على المقعد الرئاسي وفصل أبو الفتوح لمخالفته هذا القرار. وبدا أن هذه الظاهرة سببت أرقاً لوزارة الأوقاف، إذ خرج وزير الأوقاف المسؤول الأول عن المساجد التابعة للدولة محمد عبدالفضيل القوصي عن صمته وانتقد ما اعتبره «استيلاء على المنابر عنوة واستخدامها في الدعاية الانتخابية والمهاترات السياسية». ووصف ذلك الأمر بأنه «انتهاك صارخ لحرمة المساجد وقدسيتها». وأعرب القوصي في بيان عن «الأسف الشديد لشيوع تلك الظاهرة وما آل إليه حال المسلمين من غياب للمفاهيم الإسلامية عند جميع المشاركين في هذه الظاهرة أياً كانت انتماءاتهم». وأوضح أن «الوزارة لا تملك قوة تنفيذية تتمكن بها من إزالة هذا الانحراف الشائن الذي أصاب احترام المسلمين بيوتَ الله... لكن المساجد تستصرخ الأمة جميعاً أن تكون عوناً لها على استعادة المهابة المفقودة إلى بيوت الله تعالى والابتعاد بها عن مهاترات السياسة وصخبها».