لم يثن إنفجار ليل أمس الذي هز مدينة طرابلساللبنانية وأسفر عن مقتل شخص وجرح 11 آخرين، سكان حي محرّم عن ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، على رغم قطع بعض شبانهم الطريق بالحجارة والعوائق الحديدية استنكاراً. ولا تزال رائحة احتراق السيارات حاضرة، وكذلك القوى الأمنية التي توزعت حول الحي الشعبي وصولاً الى طلعة الجسر المؤدي الى رابية ابي سمراء. ولا يزال بعض الشبان يأتون على دراجاتهم النارية لإلقاء نظرة والتقاط صورة للمشهد الذي بدا مخيفاً واستعاد خلاله الطرابلسيون صورة قاتمة لتفجيري مسجدي السلام والتقوى في آب (أغسطس) من العام الماضي. الانفجار الذي حصل بعد الساعة العاشرة من مساء أمس تبين أنه ناتج عن عبوة ناسفة موضوعة تحت سيارة من نوع "رينو 18" مركونة في شارع فرعي محاذ للجسر، وتعود للمصور الطرابلسي بلال السوسي الذي يعيش حالياً في برلين. تشهد هذه المنطقة حركة دائمة لآليات الجيش الذي يسيّر دورياته فيها، ويقيم عند مفارقها حواجز ليلية دائمة. وكان الجيش تعرض للاستهداف في المنطقة نفسها في الأيام الأولى من شهر رمضان عند الثالثة والنصف فجراً، حيث انفجرت عبوة ناسفة مماثلة كانت موضوعة تحت سيارة من نوع رابيد، لدى مرور دورية، لكنها تأخرت لثوانٍ وانفجرت بعد مرورها ولم تسفر عن إصابات. وكان انفجار عبوة الامس أدى الى انشطار السيارة وتحطمها والى سقوط قتيل يدعى عصام الشعار ووقوع 10 جرحى. واشارت معلومات امنية الى ان التفجير كان يستهدف الشيخ مالك جديدة احد اعضاء "هيئة العلماء المسلمين" في لبنان، والذي كان يزور الشيخ سالم الرافعي في مستشفى الشفاء. ويقول شيخ سلفي ل "الحياة" انه صودف مرور سيارة الشيخ قبل 10 دقائق من وقوع الانفجار، موضحا ان التفجير تزامن ايضاً مع قطع الطريق الموصل الى مفرق صيدلية الشفاء القريبة من شقة الشيخ حسام الصباغ، احتجاجاً على ما يجري في عرسال، ومع اجتماع امني وعلمائي كبير عقد في بيت احد مستشاري الرئيس نجيب ميقاتي الشيخ عبد الرزاق قرحاني مع العميد عامر الحسن وقيادات في الجيش لحلحلة موضوع اطلاق النار على المحتجين وقاطعي الطرق تضامناً مع عرسال. وتزامن انفجار العبوة الناسفة مع استهداف للجيش في مستديرة أبو علي وفي التبانة. كما أقدم مجهولون على رمي أكثر من قنبلة يدوية في مجرى نهر أبو علي وفي شارع سورية. وفي سياق متصل، قام عدد من الشبان والفتيان في التبانة أمس بقطع الطرق المؤدية الى جبل محسن بهدف فرض حصار على أهله، وذلك رداً على قيام أهالي اللبوة بمنع مرور قافلة المساعدات الى أهالي عرسال، لكن الجيش تدخل بسرعة وأعاد فتح الطرقات بالقوة، واستقدم تعزيزات إضافية وعزز من انتشاره وسيّر دوريات مؤللة. وبعد فترة عاود الشبان محاولتهم قطع الطريق لجهة الملولة، وحاولوا اعتراض الجيش ومنعه من إعادة فتحها، ما دفع الجيش الى إطلاق النار في الهواء لتفريق المجتمعين، فيما تعرضت بعض مواقعه للرصاص فردّ على مصادر النيران. وشهدت مناطق المدينة عمليات كر وفر بين الشبان الذين عملوا على قطع الطرقات، وبين الجيش الذي كان يعيد فتحها.