أعلن زعيم تيار «المستقبل» الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري أن «المساعدة العاجلة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الشرعية، لرفد الدولة اللبنانية بالإمكانات التي تتيح لها دحر الإرهاب، والتي بلغت قيمتها بليون دولار، ستكون لدعم كل الأجهزة الشرعية بأسرع وقت لمكافحة الإرهاب». وعقد الحريري مؤتمراً صحافياً في مقر إقامته بجدة تحدث فيه عن المساعدة التي أمر بتوجيهها خادم الحرمين الشريفين، وقال: «عندما يكون الوطن في خطر، فالمسؤولية الوطنية تفرض علينا إعلان النفير العام لمواجهته ورده إلى نحور أصحابه والقائمين به. ولبنان يعيش هذا الخطر، ويواجه هجمة إرهابية غير مسبوقة، عملت على خطف بلدة عرسال وأسر أهلها ومهاجمة المراكز العسكرية والأمنية المتواجدة فيها. هذا الأمر ليس حدثاً أمنياً عابراً، على صورة الحوادث التي تتنقل بين المناطق. هو لعنة نزلت على لبنان، ومن المستحيل على الكبار والشرفاء والأحرار في أمتنا أن يقفوا منها موقف المتفرج، وألا يقرنوا أقوالهم بالفعل، فيبادروا إلى نصرة لبنان وجيشه ومؤسساته الأمنية الشرعية، ويتخذوا القرار السليم في الوقت المناسب، ولا يتركوا البلد الذي أحبوه ودافعوا عن صيغته ووجوده نهباً للرياح الإرهابية الصفراء التي تهب على المنطقة». وقال: «ها هو خادم الحرمين الشريفين يعلن الوقوف مع لبنان في مكافحة الإرهاب وفلوله المسلحة، ويضع خطابه التاريخي الذي وجّهه قبل أيام موضع التنفيذ، تأكيداً للصرخة التي أطلقها، محذراً من تنامي الإرهاب وقصور المجتمع الدولي عن مكافحته، ودعوته القادة والعلماء إلى الوقوف في وجه الإرهابيين الذين شوهوا صورة الإسلام وصفائه وإنسانيته، وألصقوا به كل الصفات السيئة بأفعالهم وطغيانهم، ويحاولون خطف الإسلام وتقديمه بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب». وأكد ان «الإرهاب سرطان يهدد وجود لبنان، والمنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن، واستئصاله مسؤولية الدولة ومؤسساتها، التي لم تبخل في تقديم الأرواح والتضحيات، فداء لكرامة اللبنانيين وسلامتهم». وقال: «من هذا المنطلق، وجّه خادم الحرمين الشريفين، وحرصاً من مقامه الكريم على حماية لبنان ودعم مؤسساته، والتضامن مع شعبه في مواجهة المخاطر الداهمة، بتقديم دعم فوري للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الشرعية، قوامه بليون دولار يخصص لرفد الدولة بالإمكانات التي تتيح لها دحر الإرهاب ورده على أعقابه. وشرفني بالإعلان عن هذا الدعم والإشراف على هذا العمل الأخوي النبيل، وهي مسؤولية تحملني على التوجه من خادم الحرمين الشريفين، باسمي واسم اللبنانيين جميعاً، بالشكر والتقدير والعرفان، لهذا الدعم السخي، الذي يضيف إلى السجل الحافل للمملكة بدعم لبنان ونصرته في المحن، صفحة جديدة ستبقى أمانة غالية في ذاكرة الأجيال». وزاد: «بناء عليه، سأباشر فوراً بإجراء اتصالات برئيس الحكومة (تمام سلام) والوزارات والإدارات العسكرية والأمنية اللبنانية، والعودة معها إلى البرامج والخطط والمشاريع التي تلبي بالدرجة الأولى الحاجات الملحة للجيش والأجهزة، وتسهم مباشرة في توفير المستلزمات الممكنة والمطلوبة، لمكافحة ظاهرة الإرهاب»، لافتاً الى إن «الوظيفة المباشرة للمساعدة التي قررها خادم الحرمين الشريفين واضحة ومحددة وهي تعني تخصيصاً الجيش والمؤسسات الأمنية التي يقع على عاتقها مواجهة الحملة الإرهابية، وملاحقة المسلحين وبؤر التطرف». وشدد على أن «وحدتنا الوطنية السياج الذي يحمي بلدنا، ولا يجوز لأي سبب كان، التضحية بها لمصلحة مشاريع خارجية هدفها إستدراج الفتن والحرائق إلى لبنان، أو توريطنا في الحروب القريبة والبعيدة، والتطوع في معارك إنقاذ الأنظمة الطاغية، وسينتصر لبنان على الإرهاب ولن يسمح لقوى التطرف أن تتخذ من أرضه ساحة لنشر الشر والفتن، والإساءة الى قيم الاعتدال والتسامح والحوار والتلاقي». ورأى ان هناك «محاولات لخطف الربيع العربي، وتعزيز قوى ارهابية لتقسيم المنطقة، هذه موجة يجب ان تحارب بشكل مدروس. الإنقسامات في لبنان هي سياسية ونحن مع وحدة اللبنانيين لكن هناك مشاريع خارجية تضرب الدول العربية وواضحة من اين تأتي». واضاف: «لبنان ليس خارج المنطقة، وانما هو داخلها وهو في عين العاصفة، توجد مشاكل في سورية، وخصوصا النظام المجرم ل (الرئيس السوري) بشار الاسد الذي يذبح السوريين وهو ايضا كان يذبح اللبنانيين. والمشاكل التي نشهدها اليوم بسبب هذا النظام، فيما المجتمع الدولي تخاذل في اسقاطه، والمجتمع الدولي لو أراد فعلاً تخليص سورية من هذا الديكتاتور لتخلص منه بسهولة، لكن هذا التخاذل يدفع الثمن للبنان ولدول المنطقة. لا شك في ان المجتمع الدولي وقف معنا في مراحل، لكن مشكلتنا في المنطقة كلها هي التدخل الايراني في سورية ولبنان والعراق، وهذا معروف ونحاول مقاومة هذا الامر، ونرد الارهاب الذي يدخل الى لبنان». وعن الخشية من ان تعطي المفاوضات التي تجرى مع الارهابيين لاستعادة العسكريين المحتجزين، مساحة اكبر للتحرك مستقبلاً، قال: «المهم ان يعود هؤلاء العسكريون الى الجيش اللبناني والى اهاليهم وان يغادر المسلحون الأراضي اللبنانية. التفاوض لا بد منه، لأن العسكريين المفقودين هم مع الارهابيين، نريد انقاذ عرسال من جهة واسترجاع العسكريين الى عائلاتهم في اسرع وقت ممكن، والتفاوض حصل على أمور عدة مع هؤلاء الارهابيين لاسترجاع صحافيين معتقلين عند «داعش» ومطارنة وغيرهم». وأوضح ان «المساعدات أتت في البداية لإعادة تأهيل الجيش اللبناني بقيمة ثلاثة بلايين دولار وهو مشروع يلزمه سنتين أو ثلاثاً، اذ يتضمن دبابات وطائرات هليكوبتر ومدرعات وغيرها ولا خلاف في لبنان ولا يمكن لأي فريق في لبنان ان يعارض استعمال الجيش اللبناني لحماية اللبنانيين. وعلى عكس ما يشيعه بعضهم، نعم الجيش قادر على الامساك بكل الاراضي اللبنانية، لكن من اجل الدفاع عن حدوده، المشكلة ان الجيش ليس مسلحاً بالشكل المطلوب». وعما اذا كان ما يحدث مرده تدخل «حزب الله» في سورية وهو رد فعل من الجماعات المسلحة على عرسال؟ وهل من تهديدات شخصية لكم من بعض الجهات والتنظيمات المسلحة؟» اجاب: « اولا الله هو الحافظ للجميع والحامي والتهديدات موجودة على «قد ما بدك». ولا شك في ان دخول «حزب الله» الى الساحة السورية والمشاركة في القتال فيها كان له رد فعل سيئ جداً عند اللبنانيين وعند الثوار في سورية. وكنا نقول ان رد الفعل سيكون على اللبنانيين وشاهدنا التفجيرات التي حصلت ان كان في طرابلس او الضاحية وفي كل المناطق، وجريمة الجريمة هي ان يذهب «حزب الله» ويقاتل في سورية، والجريمة ان يأتي الإرهابيون الى عرسال ويفعلوا ما فعلوه بالجيش اللبناني. كان الجيش اللبناني لمدة ثلاث سنوات يحمي اللاجئين السوريين على الحدود اللبنانية، وقرر هؤلاء الإرهابيون بسبب تدخل «حزب الله» في سورية ان يقسموا اللبنانيين ويؤثروا على اهل السنّة. لكن اهل السنّة هم اهل اعتدال لذلك محاربة هذه الآفة يجب ان تكون سريعة» . وقال: «عندما يكون لدى الجيش او قوى الأمن الداخلي او أي جهة أمنية شرعية في لبنان طلبات فورية لمكافحة الإرهاب، ستكون هذه المبالغ موجودة لشراء كل الأسلحة، ومهمتنا ان نكون واضحين وشفافين، ويحصل الأمر بأسرع وقت ممكن. وهذا كان توجه خادم الحرمين بأن تحصل الأمور بسرعة، خصوصاً بالنسبة الى الذخيرة». ونفى ان يكون «حزب الله شارك مع الجيش في موضوع عرسال، ولأكون واضحاً وصريحاً. حزب الله في مكان مسؤول عما حصل في عرسال، فأنا لا أريد مناقشة هذه الأمور الآن، أريد أن أناقش المساعدة التي قُدمت من قبل خادم الحرمين، ولكن لا شك في أن دخول جهة لبنانية الى الساحة السورية، سيعطي رد فعل طبيعياً من هؤلاء». وقال الحريري: «تاريخياً، الجيش اللبناني وخلال الحرب الأهلية لم يفقد أي سلاح من أسلحته، ان كان اشتراه، أو كان مقدماً من فرنسا أو أميركا أو السعودية، كل السلاح يبقى مع الجيش. وهناك بعض الدول لديها شكوك كي لا يتم تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة التي يجب ان يمتلكها. فبعض الجهات ترفض إعطاءنا سلاحاً متطوراً كصواريخ دقيقة الرمي خشية ان تقع بيد حزب الله، تاريخياً في لبنان لم يستطع احد ان ينتزع أي سلاح من القوى الأمنية اللبنانية او الجيش اللبناني». واضاف: «هناك أسلحة ستكون متطورة كبعض الطائرات الصغيرة التي قد تساعد الجيش ومدرّب عليها، اي نوع سلاح يمكن استخدامه فوراً سيقدم من ضمن هذه المساعدة». وقال: «لدينا نقص كبير جداً بالمعدات في قوى الأمن والجيش يعاني نقصاً في الذخيرة أيضاً وبعض المعدات المهمة جداً في مكافحة الإرهاب. توجد أفواج كالمجوقل والمغاوير والتدخل، وهذه الأفواج سريعة التدخل ولكن يلزمها تجهيز، كلما كان التجهيز مكتملاً وشاملاً الطوافات او السيارات المصفحة استطاعت هذه الأفواج التدخل بشكل أسرع وقلب المعركة لمصلحتها». واكد ان «هذه المساعدة ستكفي الجيش والقوى الأمنية الأخرى لإغلاق هذا الفراغ في الأمن في لبنان ضد الإرهاب». اتصالات وأجرى الحريري اتصالات بعد المؤتمر الصحافي شملت سلام ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي، للمباشرة فوراً بتحديد الحاجات الملحة للقوى العسكرية والأمنية من ضمن المساعدة السعودية لتمكينها من القيام بالمهمات المناطة بها في معركتها لمواجهة الإرهاب.