أبلغ «عكاظ» رئيس وزراء لبنان سابقا رئيس تيار المستقبل سعد الدين الحريري أمس أن تدخل خادم الحرمين الشريفين بأمره بتخصيص مساعدات مالية فورية بقيمة مليار دولار للبنان جاء بعد تكشف خيوط المخطط الإقليمي الخطير الذي يستهدف المنطقة ولبنان على وجه الخصوص، معتبرا أن وقفة الملك ستكون فاصلة تاريخية لن تنسى حين يمر الوطن في خطر، لذا فالمسؤولية الوطنية تفرض علينا إعلان النفير العام، واستنفار كل الجهود والإمكانات لمواجهته ورده إلى نحور أصحابه والقائمين به، موضحا أن الملك عبدالله قد شرفه بالإعلان عن هذا الدعم والإشراف على هذا العمل الأخوي النبيل، وهي مسؤولية تحملني على التوجه لخادم الحرمين الشريفين، باسمي واسم اللبنانيين جميعا، بالشكر والتقدير والعرفان، لهذا الدعم السخي، الذي يضيف إلى السجل الحافل للمملكة بدعم لبنان ونصرته في المحن، وستبقى أمانة غالية في ذاكرة الأجيال. وقال الحريري: «لبنان اليوم يعيش هذا الخطر، ويواجه هجمة إرهابية غير مسبوقة، عملت على خطف بلدة عرسال وأسر أهلها ومهاجمة المراكز العسكرية والأمنية المتواجدة فيها، هذا الأمر ليس حدثا أمنيا عابرا، على صورة الحوادث التي تنتقل بين المناطق. هذا الأمر هو لعنة نزلت على لبنان، ومن المستحيل على الكبار والشرفاء والأحرار في أمتنا أن يقفوا منها موقف المتفرج، وأن لا يقرنوا أقوالهم بالفعل، فيبادروا إلى نصرة لبنان وجيشه ومؤسساته الأمنية الشرعية، ويتخذوا القرار السليم في الوقت المناسب، ولا يتركوا البلد الذي أحبوه ودافعوا عن صيغته ووجوده نهبا للرياح الإرهابية الصفراء التي تهب على المنطقة». وزاد الحريري بقوله: «وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أعزه الله سبحانه وتعالى ورعاه، يعلن الوقوف مع لبنان في مكافحة الإرهاب وفلوله المسلحة، ويضع خطابه التاريخي الذي وجهه قبل أيام موضع التنفيذ، تأكيدا للصرخة التي أطلقها، منبها ومحذرا من تنامي الإرهاب وقصور المجتمع الدولي عن مكافحته، ودعوته القادة والعلماء إلى الوقوف في وجه الإرهابيين الذين شوهوا صورة الإسلام ونقائه وصفائه وإنسانيته، وألصقوا به كل الصفات السيئة بأفعالهم وطغيانهم، ويحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب. الإرهاب سرطان يهدد وجود لبنان، بل هو يهدد المنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن، واستئصاله مسؤولية الدولة ومؤسساتها، التي لم تبخل في تقديم الأرواح والتضحيات، فداء لكرامة اللبنانيين وسلامتهم. ومن هذا المنطلق، وجه خادم الحرمين الشريفين، وحرصا من مقامه الكريم على حماية لبنان، ودعم مؤسساته، والتضامن مع شعبه في مواجهة المخاطر الداهمة، وجه بتقديم دعم فوري للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الشرعية، قوامه مليار دولار يخصص لرفد الدولة اللبنانية بالإمكانات التي تتيح لها لدحر الإرهاب ورده على أعقابه». البدء فورا في العمل وأكد الحريري أنه سيباشر فورا بإجراء الاتصالات برئيس الحكومة والوزارات والإدارات العسكرية والأمنية اللبنانية، والعودة معها إلى البرامج والخطط والمشاريع، التي تلبي بالدرجة الأولى الحاجات الملحة للجيش والأجهزة، وتسهم مباشرة في توفير المستلزمات الممكنة والمطلوبة، لمكافحة ظاهرة الإرهاب، موضحا أن الوظيفة المباشرة للمساعدة التي قررها خادم الحرمين الشريفين واضحة ومحددة وهي تعني خصيصا الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية التي يقع على عاتقها مواجهة الحملة الإرهابية وملاحقة المسلحين وبؤر التطرف في كل مكان، إنني أتوجه من هنا، من المملكة إلى جميع اللبنانيين، مشددا على أن وحدتنا الوطنية هي السياج الذي يحمي بلدنا، ولا يجوز لأي سبب كان، التضحية بها لمصلحة مشاريع خارجية هدفها استدراج الفتن والحرائق إلى لبنان، أو توريطنا في الحروب القريبة والبعيدة، والتطوع في معارك إنقاذ الأنظمة الطاغية وحدتنا هي السلاح الأمضى بيد الشرعية والجيش للانتصار على الإرهاب. وفي رد على سؤال حول التضاد الداخلي في القوى السياسية في لبنان ومدى إمكانية التحالف صفا واحدا ضد الإرهاب وهو العدو المشترك قال: «لبنان عانى كثيرا في الأربعين سنة الماضية من خلال الحرب الأهلية ولم تفلح كل المحاولات والمنطقة كلها تعاني من الانقسامات اللبنانية، قبل كم سنة لم نكن في هذا الموقع الحالي، لا سيما مع الربيع العربي الذي تجري محاولات حالية لخطفه، كما أن هناك قوى إرهابية تحاول تقسيم المنطقة ككل وليس لبنان فحسب وهذه الموجة لا بد أن تحارب وفق منهج مدروس، نحن مع الوحدة اللبنانية ونتمناها لكن ثمة مشاريع خارجية تضرب الدول العربية وكلنا نعرف مصادرها». وعن ما قد يقدمه المجتمع الدولي تجاه أوضاع لبنان الحالية علق الحريري قائلا: «لبنان في عين العاصفة حاليا، فما يجري في سوريا والممارسات الإجرامية لنظام الأسد، مع تخاذل المجتمع الدولي في إسقاطه قاد صوب تضرر لبنان حاليا من التداعيات، فالمجتمع الدولي لو أراد تخليص سوريا من هذا الديكتاتور لفعل، لكن هذا التخاذل يدفع ثمنه لبنان ودول المنطقة، لا شك أن المجتمع الدولي في مراحل وقف معنا، لكن حاليا نرى الصمت في ظل تدخل إيران في سوريا وفي لبنان وفي العراق وهذا جزء من الإرهاب». وفيما إن كان التفاوض مع الإرهابيين قد يقود صوب تطاول القوى الإرهابية وتعزيزيها ضد لبنان رد الحريري قائلا: «لدينا أمران مهمان وهما أن يرجع العسكريون إلى الجيش اللبناني وأهاليهم والثاني أن يغادر المسلحون فورا الأراضي اللبنانية وهذا التفاوض لا بد منه لأن ثمة عسكرا مفقودين وفي قبضة الإرهابيين وهو أمر سبق وأن حدث في عدة أمور سابقة كالتفاوض لاستعادة الصحافيين وغيرهم». وعن الضمانات التي تؤكد أن هذا الدعم السعودي لن يذهب إلى غير ما خصص له أجاب: «هذه المساعدات جاءت بعد 3 مليارات سابقة خصصت لتطوير وبناء الجيش اللبناني وهو مشروع يحتاج لسنوات لتأهيل الجيش وتسليحه، والجيش اللبناني قادر على حماية حدوده وأرضه وإن نقص السلاح، لذا فالمساعدات ستكون فيما خصصت له». تجاوزات حزب الله ورد الحريري عن سؤال حول تلقيه تهديدات بالتصفية من عدمه خلال هذه الأزمة قال: «الله هو الحافظ على كل حال، ما يحدث في عرسال هو جرم كبير، سيما بعد تدخل حزب الله في سوريا وهو ما تسبب في ردة فعل وقد حذرنا منها سابقا ولكن كل هذا جرم سواء دخول حزب الله سوريا أو ما يقوم به الإرهابيون في عرسال نكاية في حزب الله واستهدفوا الجيش الذي له 3 سنوات يحمي اللاجئين هناك، المنطقة هم أهل سنة والتطرف بعيد كثير عن اللبنانيين، لذا محاربة هذه الآفة لا بد أن تكون بسرعة». وعن توقيت هذا الدعم وأهميته في إنقاذ لبنان قال الحريري: «خادم الحرمين شعر بخطورة الموقف وما يجري في لبنان فهب للنصرة ودعمنا بهذا المبلغ السخي، بعد أن تبين له المخطط الكبير في المنطقة ولبنان تحديدا، وهذه المساعدات ستقدم لأي جهة أمنية شرعية في لبنان تعاني النقص لمكافحة الإرهاب، أو قوى الأمن الداخلي والجيش وستكون هذه المبالغ موجودة لشراء وتوفير أي دعم ومهمتنا أن نكون واضحين وفي أسرع وقت ممكن وهذا توجيه الملك وخصوصا توفير الذخائر للجيش وقوى الأمن الخارجي وسنبدأ فورا». وعن مدى تورط حزب الله في إذكاء الفتنة في عرسال وزيادة وتيرة الصراعات بعد تدخله في سوريا قال مجيبا (عكاظ): «حزب الله لم يشارك مع الجيش اللبناني وهو مسؤول عما يجري في عرسال، فدخول جهة لبنانية إلى الساحة السورية أعطى ردة فعل طبيعية لتلك العناصر الإرهابية فكلاهما جريمة في حق لبنان». وعن ضمانات حول وصول الأسلحة لحزب الله في المراحل المقبلة وهو خلاف ما خصصت له المساعدات قال: «تاريخيا لم يسبق للجيش اللبناني أن فقد أي سلاح من أسلحته وهذا أمر معروف وهناك دول تضع شكوكا من أجل عدم تسليح الجيش اللبناني وخصوصا الأسلحة المتطورة التي تعتذر بعض الجهات خصوصا الصواريخ خوفا من وقوعها في يد حزب الله وهذا خلاف الواقع فتاريخيا لم ينتزع أي سلاح». وعن مدى كفاية هذه المساعدات من عدمه في توفير الأمن في لبنان قال: «هذا الدعم سيعزز بلا شك الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لمحاربة الإرهاب، لدينا نقص كبير في قوى الأمن الداخلي والجيش يعاني نقصا في الذخائر والمعدات، وأعتقد أن هذه المساعدات حاليا ستكفي لسد الفراغ والعجز».