تفاوتت التغطية الصحافية العالمية للحرب الاسرائيلية على غزة ما بين مؤيد للقصف الإسرائيلي ومناهض لحركة "حماس" بصفتها جماعة "ارهابية"، وما بين مناصر للقضية الفلسطينية أو "متعاطف" مع الشهداء المدنيين الذين سقطوا. ولعل الموقف البريطاني خير دليل على هذا التفاوت، اذ اشيع عن ابعاد كبير مراسلي هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الشرق الأوسط جيرين بوين، بسبب "انحيازه لحماس" في التغطية الصحافية. وجاء هذا الإستنتاج بعدما غرد بوين على "تويتر" أنه "لا دليل على أن حماس تستعمل الفلسطينيين ك "دروع بشرية". وانتشرت بعد هذه التغريدة، صورة على وسائل التواصل الإجتماعي تفيد بأن "الشبكة البريطانية طردت كبير مراسليها في الشرق الأوسط بعد احتجاج اسرائيل على تغريدته". وعند سؤاله عن سبب غيابه عن التغريد، أجاب بوين على تويتر إنه "في إجازة". غداة ذلك، صرح رئيس قسم الرصد في "هيئة الإذاعة" جوناثان مونرو أنه "لا صحة للشائعات التي تفيد بأن بوين غادر غزة بضغط من اسرائيل، إنه في اجازة بعد الحروب التي غطاها". وأكدت الهيئة هذا الكلام على موقعها الإلكتروني، اذ قالت إن "بوين سيعود في القريب العاجل الى شاشات بي بي سي". يشار الى أن بوين قال غداة الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أربعة أطفال على شاطئ غزة إن "4 أطفال قتلوا على الشاطئ في غزة، إنه أمر غير معقول، لا تستطيع اسرائيل توجيه اللوم الى حماس". من جهة اخرى، غرد أحد مراسلي شبكة ال"بي بي سي"، ماكس كيسير جهرا: "قدمت استقالتي من البرنامج لأني تلقيت أوامر صريحة وواضحة بعدم الإشارة الى اسرائيل في أي سياق"، مضيفاً أن "هذا النوع من الرقابة يؤدي الى الإرهاب في غزة". وأضاف في تغريدة اخرى ان "الشيكل (عملة اسرائيل) هي عملة الإبادة الجماعية". وتأتي هذه "الإجازة" والإستقالة بعد إعلان الحكومة البريطانية نيتها التحقيق في صفقات أسلحة تنوي بيعها الى اسرائيل بهدف ضمان أنها لن تستعمل في غزة. وقالت ناطقة باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: "نراجع حالياً كل تراخيص التصدير إلى اسرائيل للتأكد من أنها ملائمة". وأضافت أن "قرار إجراء المراجعة اتخذ الأسبوع الماضي". واليوم، أعلنت وزيرة الدولة في وزارة الخارجية البريطانية البارونة سعيدة وارسي، استقالتها من الحكومة البريطانية، قائلة إنه لم يعد بإمكانها دعم سياسات الحكومة تجاه غزة. وكتبت الوزيرة، وهي مسلمة من أصل باكستاني، على حسابها على تويتر "ببالغ الأسف، قمت صباح هذا اليوم بكتابة استقالتي وتقديمها إلى رئيس الوزراء. لم يعد بإمكاني دعم سياسة الحكومة تجاه غزة". وتسلط هذه الحالات الضوء على التغطية الصحافية ل "هيئة الإذاعة البريطانية"، خصوصا أن اعلاميين عربا اتهموا في وقت سابق محطتي "بي بي سي" و"سي أن أن" ب "الانحياز لإسرائيل في حربها على غزة، ما يتنافى مع المعايير المهنية التي تنادي بها هذه الوسائل الإعلامية، بينما هي أول من يخرقها في تناقض فاضح غير مبرر".