لم يدر بخلد المخرج السينمائي العراقي المقيم في الدنمارك طارق هاشم أن أفيش «كلنا مسيحيون» الذي صممه وأطلقه على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بعد التهجير والقتل اللذين يمارسهما تنظيم «داعش» في الموصل بحق مسيحيي العراق، سيتصدر «حيطان» كثيرة على الصفحة الزرقاء، بل إنه سيزين عمق الحائط في الاستوديو الافتراضي لحملة بالعنوان ذاته أطلقتها الاعلامية العراقية داليا العقيدي، وقد ظهرت على شاشة «ال بي سي آي نيوز» أخيراً للحديث عنها بعدما صمّ المجتمع الدولي أذنيه أمام مخطط افراغ العراق من أحد أهم مكونات هويته الثقافية والاجتماعية والانسانية من خلال تهجير مسيحييه. ظهرت العقيدي – تلفزيونياً - وهي تضع صليباً في رقبتها ومعصمها وقالت إنها تنتمي الى عائلة عراقية سنية معروفة، وأضافت أنها لن تنزعه حتى يتوقف تهجير المسيحيين في بلادها. وأردفت قائلة بنوع من الأسى إن ما يحدث اليوم في العراق يدعو الى الغضب، وبخاصة أن مسيحيي الموصل من مؤسسي الفن والمسرح العراقي الحديث ولعبوا أدواراً مشرفة عبر تاريخهم في ترتيب أولوياته في سنوات الدولة العراقية الحديثة. الحملة انتشرت مثل النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حرف «نون» الذي رسمه عناصر «داعش» على بيوت المسيحيين في الموصل، وتعني (نصراني) في اشارة للتدليل على ممتلكاتهم ونقلها إلى «ممتلكات الدولة الاسلامية في العراق والشام». يقول طارق هاشم عن «الأفيش» الذي تناقلته هذه المواقع من دون أن تعرف هوية مصممه الحقيقي إنه لم يرد في بداية الأمر حين أطلقه عبر صفحته إلا أن يكون «نوعاً من صرخة شخصية في مواجهة هؤلاء الأشرار الذين نغصوا حياة كثيرين في العراق». ولكنه فوجئ بحجم تداوله حتى أصبح ناظماً لحملات الدفاع عن المهجرين المسيحيين من الموصل الذين يغادرون مدينتهم وسط صمت دولي وعربي مريب. ونفى هاشم في حديث خاص عبر «فايسبوك» أن تكون لحرية التصميم التي حظي بها حرف «النون» عبر مواقع التواصل الاجتماعي أي نوع من حقوق خاصة، واعترف بأن هذه المواقع قد لا تعزز من حقوق التأليف، وهنا تكمن بعض أكبر مساوئها. وقال إنه يدعم حملة مواطنته العقيدي في اظهار الغضب كنوع من التحدي في وجه هذا التنظيم الارهابي، بغض النظر عن الانتماءات الدينية والطائفية لكل من يضع «الأفيش» على صفحته. وأضاف أنه سيواصل مع آخرين من موقعه كمخرج سينمائي وناشط على هذه المواقع حملات أخرى تضمن العمل على حماية حقوق كل الأقليات في العراق وبلاد الشام، بخاصة ان انتهاك حقوق هذه الأقليات يقع على مسمع ومرأى المجتمع الدولي ومؤسساته وهيئاته، من دون أن تتخذ موقفاً رادعاً لمثل هذه الأعمال الاجرامية. ورأى هاشم أن مواطنته العقيدي المسلمة التي حملت الصليب في رقبتها ومعصمها ستكفّر إن عاجلاً أم آجلاً، وسيُفتخ لها ملف عند «القائمين» على هذه الأعمال الاجرامية، وقد نضطر لفتح حسابات جديدة باسم العقيدي تتضامن معها في وجه الحملات الظلامية التي قد تستهدفها في وقت لاحق، فحجم ردود الفعل في المقلب الآخر التي ظهرت أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي لاتقل خطورة عن تلك التي يجري الحديث عنها في الخفاء، وعجلة التكفير بدأت تدور من الآن. حملة حرف «النون» التي تمهد لحملة اعلامية ضارية عبر هذه المواقع قد تخف حدتها قليلاً كما يرى هاشم من موقعه كناشط اجتماعي بسبب أوضاع كثيرة. وختم بالقول إن حملة «كلنا مسيحيون» لا تخص عراقياً مسلماً أو مسيحياً، وانما تخص الهوية الانسانية التي طالما حمتها في وجه التقلبات، والتي تجيء اليوم في عدوانية غير مسبوقة.