برلين، باريس، أنقرة - أ ف ب، رويترز – في وقت تحول الرئيس الفرنسي المنتخب فرنسوا هولاند بعد أيام على فوزه بالاقتراع الرئاسي، إلى مصدر أمل للدول الأوروبية التي تواجه إجراءات تقشف، في ظل نجاحه في إعادة النمو الذي طغت عليه أزمة الدين إلى قلب المناقشات، أعلن رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان أمس، أن رغبة هولاند في تعديل معاهدة البنك المركزي الأوروبي والمعاهدة المالية الأوروبية أو زيادة الديون، تشكل «أمراً خطراً». وقال لصحيفة «سود دويتشه تسايتونغ»: «الوظائف والنمو الاقتصادي ثمرة مبادلات تجارية، والبنك المركزي الأوروبي هو الأكثر أهلية للمساهمة في استقرار العملة الأوروبية»، مشيراً إلى أن اقتراح هولاند محاربة الديون بالديون عبر إقراض الدول مباشرة لن ينجح». وفي مجال التضخم، صرح فايدمان بأنه «يجب انتظار البرنامج النهائي لحكومة هولاند الذي يصل إلى برلين الثلثاء. لكن الواضح أنه يتعين رفض ما طلبه خلال الحملة الانتخابية، أي تفكيك المعاهدة المالية الأوروبية، علماً أن الأوروبيين معتادون على التمسك بالاتفاقات الموقعة». لكن المستشارة الألمانية انغلا مركل التي كانت دعمت الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال الحملة الانتخابية، أبدت اعتقادها بإمكان إقامة شراكة ثابتة مع هولاند، «لأننا نعرف منذ إنشاء جمهورية ألمانيا الاتحادية أن علاقة فرنسية ألمانية جيدة ذات أهمية بالغة لكلا البلدين». وخلال لقائهما «التعارفي» في برلين الثلثاء، سيناقش هولاند مع مركل موضوع تسريع انسحاب القوات الفرنسية من أفغانستان، قبل نهاية 2012، والذي مثل أحد وعود حملته الانتخابية. وسيمهد لذلك مع شركائه في الحلف الأطلسي (ناتو) الذين سيجتمعون في شيكاغو في 20 و21 الشهر الجاري، بجدوى تسريع انسحاب قوات الحلف، وهو ما تعارضه مركل التي دعت الخميس الماضي إلى احترام الموعد الذي حدده الحلف للانسحاب في نهاية 2014. وينوي هولاند، المقتنع بأن مهمة القوة الدولية قد أنجزت، سحب الجنود الفرنسيين «بالتنسيق الجيد» مع حلفاء بلاده «من دون المجازفة بحياة جنودنا». ورأى فرنسوا هايسبورغ، رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن خطة سحب القسم الأكبر من القوات الفرنسية قبل نهاية السنة سهلة نسبياً، لكن سحب العتاد خلال فترة زمنية غير محددة ستواجه صعوبات كثيرة». واعتبر هايسبورغ أن الانسحاب الفرنسي لن يتسبب في نشوب خلاف بشيكاغو، وقال إن «اعتماد البلدان استراتيجيات انسحاب في أوقات مختلفة ليس سابقة ولا مفاجأة ولا كارثة، نظراً إلى عدد القوات الفرنسية البالغ 3400 عسكري». وكان جان إيف لو دريان، أحد المقربين من هولاند، والمطروح اسمه لتولي وزارة الدفاع، زار واشنطنولندن وبروكسيل في الشهور الأخيرة. وأبلغ محاوريه أن نيكولا ساركوزي عدل روزنامة الحلف، وقدم سنة انسحاب القوات بعد مقتل أربعة جنود فرنسيين في كانون الثاني (يناير). تكرار الآمال التركية وفي أنقرة، صرح وزير الشؤون الأوروبية التركي ايغيمين باغيس بأن بلاده تأمل بفتح الرئيس الفرنسي المنتخب «صفحة جديدة» في العلاقات الثنائية عنوانها «الصداقة والبحث عن حلول». وقال: «نتمنى أن تصبح فرنسا أحد أبطال انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما في عهد الرئيس جاك شيراك»، علماً أن ساركوزي عارض خلال ولايته انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فيما أظهر هولاند انفتاحاً أكبر على رغم تأكيده أن تركيا لن تنال عضوية الاتحاد خلال ولايته الرئاسية التي تستمر خمس سنوات، «لأن الطريق إلى الاتحاد الأوروبي طويلة». وزاد: «لا نريد عداوة بل نسعى إلى صداقة حيث تكون الديبلوماسية والسياسة جزءاً من عملية البحث عن حلول، وليس إثارة مشاكل». وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اتهم ساركوزي في نهاية 2011 ب «السعي إلى تحقيق مكاسب انتخابية عبر استخدام كراهية المسلم والتركي» بعد تبني قانون في فرنسا ينص على تجريم إنكار إبادة الأرمن. وتصاعد التوتر بين فرنسا وتركيا اثر خلاف حول القانون الذي رفضته المحكمة الدستورية الفرنسية في نهاية المطاف. وشدد باغيس على أن «تركيا ترى أن الاتحاد الأوروبي ليس مشروعاً اقتصادياً أو سياسياً، بل أكبر مشروع للسلام في تاريخ البشرية. وبانضمام تركيا يمكن أن يتحول أكبر مشروع للسلام في تاريخ البشرية من مشروع قاري إلى مشروع شامل». وأكد أن تركيا ونظامها السياسي الديموقراطي تشكل مصدر «الهام للعالم العربي في تحولاته الكبيرة، لذا سيكون تأثير الاتحاد الأوروبي أكبر وفي مناطق أوسع من العالم في ظل مساهمة تركيا».