صوّت الجزائريون أمس في الانتخابات التشريعية لاختيار برلمانهم الجديد، وسط توقعات بتحقيق الإسلاميين تقدماً ضئيلاً على منافسيهم، وعلى رأسهم جبهة التحرير الوطني صاحبة الغالبية النيابية الحالية. وإذا صحّت التوقعات بفوز الإسلاميين فإن ذلك يعني أن اكتمال سيطرتهم على كامل شمال افريقيا من المغرب وحتى مصر مروراً بتونس، بانتظار جلاء مصير انتخابات البرلمان التأسيسي في ليبيا الشهر المقبل. ويعتقد مراقبون بأن السلطات الجزائرية خاب أملها من نتائج نسبة الاقتراع في الانتخابات المتوقع أن تصدر نتائجها الأولية اليوم الجمعة. ذلك أن الإقبال على المشاركة في التصويت بدا خجولاً، إذ لم تزد النسبة على 27 في المئة من الناخبين عند الثالثة والنصف بعد الظهر. وعلى رغم أن النسبة ستكون أعلى من ذلك بالتأكيد عند اغلاق صناديق الاقتراع مع حلول المساء، إلا أن عدم تجاوزها سقف 40 في المئة، كما يُرجّح، سيعني أن غالبية الناخبين لم تقتنع بأن الانتخابات ستأتي ببرلمان يمكنه أن يحقق التغيير المنشود. كما أن تدني نسبة المشاركة في التصويت يمكن أن تُفسّر بأنها تمثّل نكسة أيضاً للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي قام بنفسه بحملات واسعة لحض الناخبين على المشاركة في الاقتراع. وقال مراقبون إن انخفاض نسبة التصويت يصب في خانة الأحزاب الإسلامية، إذ أن «الصوت الإسلامي» معروف بالتزامه، بعكس أصوات مؤيدي بقية الأحزاب. وتوقع هؤلاء أن يأتي تحالف «تكتل الجزائر الخضراء» الإسلامي الذي يضم أحزاب حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، في مقدم الأحزاب الفائزة في التصويت، ما يعني أن الرئيس بوتفليقة سيكلّف أحد قادته بتشكيل الحكومة المقبلة. وأضاف المراقبون إن جبهة التحرير الوطني يمكن أن تنال المرتبة الثانية، وإن كان فوزها لا يمكن استبعاده أيضاً. وقال قيادي في حزب التجمع الوطني الديموقراطي الذي يرأسه الوزير الأول أحمد أويحيى، إنه يتوقع أن يحتل حزبه المرتبة الثالثة، بحسب المؤشرات الأولية التي تم جمعها بحلول ظهر أمس، وإن كان ذلك يمكن أن يتغيّر بسهولة عند إغلاق مكاتب الاقتراع. كما يُتوقع أن يحقق حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي أسسه الزعيم التاريخي حسين ايت أحمد اكتساحاً واسعاً في مناطق القبائل معقله التاريخي. ويساعد الحزب في تحقيق هذه النتيجة أن منافسه التقليدي التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية قرر مقاطعة الاقتراع. ويشكّل دخول جبهة القوى الاشتراكية الانتخابات الحالية دعماً لحكومة الرئيس بوتفليقة في سعيها إلى تأكيد صدقية الاقتراع، خصوصاً أن الجبهة كانت قد قاطعت انتخابات البرلمان الجزائري في المرتين السابقتين. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات على المستوى الوطني عند الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر 04ر27 في المئة، بحسب ما أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية. وتوحي هذه النسبة بأن المشاركة ستكون ضئيلة لكنها تتجه إلى تجاوز النسب المسجلة في تشريعيات 2007 . ولاحظ وزير الداخلية أن بعض الولايات التي لم تكن تعرف مشاركة قوية في السابق، شهدت ارتفاعاً هذه المرة. إذ بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع عند الثالثة والنصف في ولاية الجزائر إلى 18.95 في المئة، وفي بجاية 16.69 في المئة، وتيزي وزو 12.72 في المئة. وقدّم أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، أربع ملاحظات ميّزت الفترة الصباحية من العملية الانتخابية، منها ضرورة معرفة ملابسات الارتفاع «غير الطبيعي» لنسبة المشاركة من 4 إلى 15 في المئة خلال ساعتين فقط قبل الظهر. وأوضح أن العشرات من شباب «تكتل الجزائر الخضراء» لم يسمح لهم بالتصويت بحجة عدم تسجيلهم على الرغم من امتلاكهم بطاقة ناخب. كما اعتبر أن تخصيص أماكن خاصة لتصويت الأسلاك المشتركة لقوات الأمن يخالف القانون، مشيراً إلى أن القصد من ذلك هو التضييق على العسكر لانتخاب توجّه معيّن. وكشف رئيس اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات التشريعية، سليمان بودي، تسجيل عدد من المخالفات منذ بداية عملية التصويت على المستوى الوطني. وتتعلق هذه المخالفات ب «عدم تطابق مواصفات صندوق الاقتراع مع المواصفات التي حددها القانون» إلى جانب عدم تعليق قائمة الاقتراع في بعض مكاتب التصويت. وسجّل رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي انياسيو سانشيز سالافرانكا، بعد ساعات من بداية عملية التصويت، أن العملية تجري «بطريقة عادية ووفق القواعد». وأضاف إنه «لا توجد لحد الساعة صعوبات مهمة تذكر، بحيث أن ممثلي الأحزاب السياسية متواجدون عموما بمكاتب التصويت و كل شيء يجري على ما يرام باستثناء بعض الاختلالات الطفيفة المرتبطة بعمليات التصويت».