انتقلت الأحزاب العلمانية في الجزائر من موقع التشكيك في نوايا الأحزاب الإسلامية إلى مهاجمة التكتل الإسلامي الذي أسسته ثلاثة أحزاب، وهي «حركة مجتمع السلم»، و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني»، حيث قلل حزب جبهة التحرير الوطني من شأن هذا التكتل السياسي الجديد ووصفه ب «تكتل زعامات شخصية». واستغرب المتحدث الرسمي باسم جبهة التحرير الوطني، عيسى قاسا، تكتل هذه الأحزاب في قوائم موحدة لأنه سيُصعِّب، حسب رؤيته، تصنيف النواب وفق انتماءاتهم الحزبية. واعترف قاسا بحق هذه الأحزاب في التحالف مادامت تشترك في الرؤية السياسية، ولكنه رفض أن يُطلَق على هذه الأحزاب تسمية «الإسلامية» لأن الإسلام دين الجميع، على حد قوله، معتبرا أن هذه الأحزاب تحالفت من أجل تقاسم المناصب في البرلمان كما أنها تفتقد إلى قواعد نضالية. وسمت الأحزاب الإسلامية تكتلها باسم «الجزائر الخضراء» بدلا عن التكتل الإسلامي، تفاديا لرفض وزارة الداخلية قوائمها الانتخابية بحجة أن قانون الأحزاب وحتى الدستور يمنع استغلال الدين لأغراض انتخابية. من جهته، حاول الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم في البلاد، ميلود شرفي، تخفيف مخاوف العلمانيين من تشكيل هذا التكتل خطرا على الأحزاب الأخرى، وأكد أن لكل حزب وعاءه الانتخابي. وقال شرفي، في تصريح ل«الشرق»، إن ما يخشاه الحزب الحاكم في الجزائر هو عزوف الناخبين عن المشاركة في يوم الاقتراع، مما يضع إصلاحات الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على المحك. لكن شرفي استبعد في الوقت نفسه تكرار سيناريو الربيع العربي وصعود الإسلاميين في الجزائر مثلما حدث في مصر وتونس لأن الجزائريين، على حد قوله، عاشوا ثورتهم قبل عقدين ووصلوا إلى مستوى من النضج يمكِّنهم من التفريق بين الصالح والطالح. من جهته، عد الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، أن الجزائر دخلت مرحلة ما بعد الأصولية، وأن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بموقف الإسلاميين من فوز العلمانيين في هذه الانتخابات. ورأى بن يونس، أحد أبرز مناوئي التيار الإسلامي في العشرية السابقة، أن الانتخابات المقبلة ستكون مقبرة للأصولية، وقال في تصريحات صحفية، إن خروج الجزائريين للتصويت في الموعد المقبل سوف يقضي حتما على أحلام الأصوليين وسيطوي صفحتهم.