بات مستقبل الانتخابات الرئاسية في مصر بانتظار قرار من المجلس العسكري الحاكم بعد حكم قضائي صدر قبل ساعات من بدء تصويت المصريين في الخارج اليوم، وقضى بوقف الانتخابات، استناداً إلى بطلان توجيه لجنة الانتخابات الرئاسية دعوة الناخبين إلى التصويت فيما هي من صلاحيات المجلس العسكري الذي يتولى صلاحيات رئيس البلاد. وأصدرت الحكم محكمة القضاء الإداري في مدينة بنها (60 كلم من القاهرة) في ساعة متقدمة من مساء أمس. وحددت المحكمة الإدارية العليا جلسة غداً للنظر في الطعن على الحكم. وأكد خبير قانوني أن «المخرج من تلك المعضلة يكمن في توجيه (رئيس المجلس العسكري) المشير حسين طنطاوي الدعوة للناخبين». وقال نائب رئيس مجلس الدولة عضو هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم القاضي أحمد غنيم إن «الحكم يترتب عليه وقف انتخابات الرئاسة نظراً إلى بطلان قرار دعوة الناخبين، إذ إن القرار كان يجب أن يصدر من المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وليس من رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية». واتفق الخبير القانوني شوقي السيد مع ما طرحه غنيم، وإن كان أكد أن حكم وقف الانتخابات الرئاسية «لا يستند إلى أساس قانوني»، موضحاً أن «هذا الحكم استند إلى مادة في الإعلان الدستوري لم تذكر أن من حق اللجنة العليا للانتخابات دعوة الناخبين، لكنه في المقابل لم ينظر في القانون المنظم لإجراء الانتخابات الرئاسية الذي ينص على أن اللجنة الرئاسية من حقها دعوة الناخبيين وفتح الباب أمام قبول أوراق الترشح وتحديد مواعيد الاقتراع». وأضاف السيد ل «الحياة» أن «المحكمة الإدارية العليا ستحسم الأمر السبت، لكن المشير طنطاوي يمكنه حسم هذا الجدل بتوجيه الدعوة إلى الناخبين باعتباره القائم بأعمال رئيس الجمهورية، ومستقبل الانتخابات الرئاسية ليس في خطر». وحددت المحكمة الإدارية العليا أيضاً جلسة أخرى السبت للنظر في الطعن على حكم وقف قرار لجنة الانتخابات الرئاسية إحالة قانون العزل السياسي على المحكمة الدستورية، والذي يترتب عليه شطب رئيس الوزراء المخلوع الفريق أحمد شفيق من لائحة المرشحين. وعبَّر مسؤول عسكري ل «الحياة» أمس عن «انزعاج وقلق المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة، من النزاعات القضائية التي من شأنها إثارة القلاقل والأزمات في الشارع». وقال: «كنا نتمنى عدم حدوث مثل هذه النزاعات القضائية حتى تسير الأمور من دون حدوث أية إشكاليات تصيب الشارع المصري بالقلق». وتابع أن «المؤسسة العسكرية حريصة كل الحرص وإلى أقصى درجة على تنفيذ الاستحقاق الرئاسي في موعده من دون أي تأخير». وقال قائد القوات البحرية الفريق مهاب مميش إن «القوات المسلحة ستشرف على الانتخابات الرئاسية وستحمي الناخبين لتخرج الانتخابات نزيهة وشفافة وتكون أفضل انتخابات رئاسية تشهدها مصر في تاريخها». وأكد أن «القوات المسلحة ليست لها أي مصلحة سوى مصلحة مصر وشعبها، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تدعم أي مرشح، والصندوق سيكون الحكم في تحقيق إرادة الشعب». وعلى صعيد تحركات المرشحين للرئاسة، تعهد المرشح حمدين صباحي «السعي نحو إقامة دولة وطنية ديموقراطية لا علمانية خالية من الفساد تقوم على نظام سياسي قوي يكون فيه الشعب مصدر السلطات ويتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات»، معتبراً أن الانتخابات الرئاسية «استكمال للثورة وفرصة حقيقية للشعب المصري في اختيار رئيسه بإرادة حرة». وقال صباحي خلال مؤتمر جماهيري في مدينة طوخ (دلتا النيل) إن «سياسة مصر الخارجية ستسعى إلى تحقيق المصالح المصرية واستقلال القرار السياسي والدفاع عن كرامة المصريين وإعادة مكانة مصر في الريادة بين دول العالم والاستفادة من جميع مواردها البشرية والطبيعية». وأشار إلى أن برنامجه الانتخابي «يكفل الحقوق الأساسية للشعب المصري، وهي حق السكن والغذاء والرعاية الصحية وحق التعليم وحق العمل والتأمين الصحي الشامل ضد العجز والمرض والبطالة، إضافة إلى الاهتمام بالصناعات الرئيسة والأساسية في مصر، ومنها صناعات الحديد والغزل والنسيج والأدوية والإسمنت». وأطلق أحمد شفيق برنامجه الانتخابي أمس تحت شعار «عصر جديد: وطن أفضل لأمة عظيمة»، واصفاً إياه بأنه «عقد مع الشعب المصري». وتعهد «السعي من أجل تحقيق أهداف الثورة المجيدة، وهي العيش والحرية والعدالة والكرامة». وأوضح في بيان أمس أن برنامجه «موجه إلى الأسرة المصرية، وستعود نتائج تنفيذ البرنامج على أربعة أجيال من الجد إلى الحفيد، ويقوم على ثلاثة مفاهيم هي العدالة الشاملة، والأمن الدائم، والتنمية المتوازنة والمستدامة». في غضون ذلك، شنَّ المحامي السلفي المبعد من سباق الرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل في بيان أمس هجوماً على المجلس العسكري وجماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «النور» السلفي باعتبارهما الغالبية النيابية، وحملهما مسؤولية عودة 300 موقوف إلى النيابة العسكرية على خلفية تظاهرات العباسية التي فضها الجيش بالقوة. واستغرب «أن تكون القيادة العسكرية هي الخصم والحكم وبلا ضمانات حقيقية ولا يهتز لأحد شعرة، خصوصاً بعد أن ثبت أن عمليات القبض كانت غارقة في الظلم بدليل أن من بين من قبض عليهم أطباء وإعلاميين والشيخ حافظ سلامة وفتيات». وقال: «رغم دلالة هذا على الظلم يسكت الإخوان المسلمون ويسكت حزب النور... يا ليت مجلس الشعب كان أدرك ضرورة إنجاز قانون السلطة القضائية وقانون الأحكام العسكرية لتكون إحالة الناس إلى جهة قضاء متجردة لا تتلقى أوامر».