دمشق- «الحياة»، أ ف ب - وسط دمار هائل بعد الانفجارين اللذين هزا دمشق، يملأ المسعفون أكياساً من النايلون ببقايا جثث متناثرة فيما بدا الذهول على كثيرين لوقع ما شاهدوا من الجثث المتفحمة والمشوهة. ووسط سيارات لا تزال تحترق، يفتش البعض عن اقربائهم، فيما تصل امراة عجوز هالها ما رأت عيناها وهي ترفع يديها الى السماء. وقال رجل: «مسكينة سورية، مساكين نحن»، فيما صرخ آخر: «ابن عمي ... اريد ان اعرف ما حصل لابن عمي». وقال سوري آخر نجا من الاعتداء: «لم نشهد مثل هذا في حياتنا». وشاهد مصور وكالة فرانس برس الموجود في المكان «دماغاً صغيراً، يعود ربما لطفل، غارقاً في بقعة من الدم». وفي كل مكان ظهرت سيارات مدمرة وحافلات لم يبق منها سوى هياكلها في حين اقتلعت اشجار من على حافة الطريق التي انتشرت فيها الحفر. وقال آخر: «انها هدايا (رجب طيب) اردوغان»، رئيس الوزراء التركي. واضاف: «انهم يقتلون الاطفال والعجزة ورجال الدين». وفي مكان الانفجارين، عمد مؤيدو النظام الى التجمهر دعماً للرئيس السوري بشار الاسد. وهتف هؤلاء «بالروح بالدم نفديك يا بشار». لكن وبينما كان سكان ومارة يعربون عن غضبهم الشديد نتيجة الهجوم، القى سوريون في الداخل باللوم على السلطات. وحملت مواقع المعارضة السورية آراء لمواطنين يحمّلون السلطات المسؤولية بسبب التباطؤ في تنفيذ اصلاحات سياسية حقيقية و «التلاعب بالوقت» حتى تفقد الحركة الاحتجاجية زخمها. ووجه ناشطون من اتحاد التنسيقات تساؤلات حول حدوث تفجيرات مروعة في سورية كلما زاد الحديث عن استحقاق على النظام، وذلك في إشارة الى تصريحات للمبعوث الاممي العربي للأزمة كوفي أنان ان على دمشق تسريع وتيرة وقف العنف وسحب الآليات العسكرية تهميداً لبدء حوار سياسي مع المعارضة. وطالب ناشطون من اتحاد التنسيقيات ولجان التنسيق المحلية ب «عدم نسيان الضحايا من المدنيين»، مشيرين الى ضرورة فتح تحقيقات مستقلة في تفجيرات امس. إدانات داخلية وتوجه مئات السوريين الى مراكز التبرع بالدم في مدينة دمشق لمساعدة الأطباء في علاج الجرحى. وقال الاختصاصي في نقل وسلامة الدم في الإدارة العامة لنقل الدم العقيد الدكتور بسام عيد، إن «مئات المواطنين اندفعوا إلى مراكز نقل الدم في دمشق بعدما سمعوا بخبر التفجيرين الإرهابيين بالرغم من أن بنك الدم لا يعاني أي نقص في أي من الزمر الدموية أو مشتقاتها، وهي متوافرة للجميع وبكميات جيدة». وصدرت في دمشق بيانات ادانة من جهات عدة، إذ دان مجلس الشعب (البرلمان) في بيان «في شدة العمليات الإرهابية التي تنفذ على الأرض السورية من قبل العصابات المسلحة»، معتبراً ان «العمل الإرهابي الذي استفاقت عليه دمشق اليوم، يأتي في سياق الفصل الاخير من المؤامرة المكشوفة على سورية العزيزة الصامدة». وطلب المجلس من البرلمانات «في انحاء العالم التحرك سريعا لوقف أعمال العنف والإرهاب الدموي المنظم وتداعياته التي اودت بحياة الوف الضحايا والشهداء». وقال: «في ضوء ذلك كله يطالب المجلس المنظمات والهيئات الدولية ان تضطلع بمسؤولياتها في اطار مؤتمر خاص يدعم خطة المبعوث الدولي كوفي انان بكامل بنودها الهادفة إلى اخراج سورية من محنتها تمهيدا لحل سياسي نابع من إرادة السوريين انفسهم عبر الحوار الوطني لاستكمال موجبات الاصلاح الشامل بقيادة الرئيس بشار الأسد»، مضيفاً: «كي لا يكتب التاريخ ان الحكومات العربية انتقلت من دول راعية لمكافحة الإرهاب إلى دول داعية إلى مؤتمرات دعم الإرهاب وتسليحه، فإن مجلس الشعب السوري يدعو جميع البرلمانات العربية والدولية الى الضغط على الأنظمة التي تدعم المجموعات الإرهابية في سورية وتمدها بالسلاح والمال وتكنولوجيا الإعلام وايقاف هدر الدم السوري لكي تستطيع سورية مهد التاريخ استعادة الأمن والأمان». كما دان «المرصد السوري لضحايا العنف والإرهاب» التفجيرين، قائلاً ان «هذه الأعمال الاجرامية لا تمت للإنسانية أو الأديان السماوية او الشرائع الدينية بصلة، محمَِّلاً مسؤوليتها لشيوخ وعلماء ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وفتاويه وكل من رفع سقف التوتر والتحريض بين السوريين إلى هذه الدرجة الوحشية التي آل اليها الوضع في سورية». كما استنكر «صمت المجتمع الدولي والعربي تجاه ما يحدث من ارهاب منظم وعمليات تستهدف الشعب السوري بكل انتماءاته ولا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين مسلم ومسيحي وتستغل مطالب الشعب المشروعة لتنفيذ أجندات خارجية لا تعنى بهذه المطالب وانما هدفها تقسيم سورية تحت اسم الثورات السلمية». وبثت «سانا» بيانات ادانة من نقابات مهنية بينها «الاتحاد العام للفلاحين» الذي اعتبر التفجيرين «أكبر دليل على عجز وإفلاس المجموعات الإرهابية المسلحة ومن يقف وراءها ويمولها». وزاد: «المجموعات الإرهابية المسلحة وقوى الغرب لا تريد النجاح لخطة أنان ولذلك تعتمد سياسة التشكيك بها وارتكاب الجرائم»، لافتاً إلى أن «قوى الغدر والعمالة ارتكبت هاتين الجريمتين الإرهابيتين رداً على نجاح انتخابات مجلس الشعب التي تمت بصورة ديموقراطية خلاقة». وقال شيخ العقل للمسلمين الموحدين حكمت الهجري ان «التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا دمشق عمل إجرامي وغادر وجبان»، مؤكداً أن «أبناء جبل العرب يدينون أي عمل إرهابي يستهدف الأبرياء الآمنين». وقال ان «هذه التفجيرات الإرهابية التي يندى لها جبين الإنسانية تستهدف النيل من أجواء الهدوء والأمن والأمان التي تنعم بها سورية».