تكاد الحريات الفردية في بريطانيا تكون بلا حدود، بما في ذلك الحرية الجنسية. ولكن على رغم الانفتاح الذي يعيشه البلد في هذا المجال لجهة انعدام وجود مبررات للكبت الجنسي، تثير أرقام حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي، تساؤلات حول دوافع القيام بمثل هذه التصرفات في ظلّ مجتمع معروف بتحرره، وهو أمر دفع البعض إلى القول إن التحرر الجنسي المنفلت يساهم في زيادة حالات الاعتداء بدل أن يقلّلها. فماذا تقول الأرقام؟ تفيد الأرقام الرسمية بأن عدد الجرائم الجنسية المسجلة رسمياً في إنكلترا وويلز (الأرقام لا تشمل اسكتلندا التي لها نظام قضائي مستقل) خلال هذه الفترة بلغ 54982 جريمة، منها 17727 جريمة جنسية ضد أطفال دون سن 16 سنة في إنكلترا وويلز خلال العام 2010 – 2011 أي ما نسبته 32 في المئة. وفي تفصيل الأرقام المسجلة لدى الشرطة: 5115 اعتداء جنسياً ضد أطفال إناث دون 16 سنة، و918 حالة اغتصاب ضد أطفال ذكور دون السادسة عشرة، و4301 اعتداء جنسي ضد طفلات من عمر 13 سنة وما دون، و1125 اعتداء جنسياً على أطفال من العمر نفسه. ومن بين كل الحالات المسجلة خلال هذه الفترة تبيّن أن 146 جريمة مسجلة ضد أطفال دون الثامنة عشرة من عمرهم ارتكبها شخص يُفترض أنه موضع ثقة. وليس واضحاً إن كانت هذه الأرقام تُعتبر مرتفعة جداً إذا ما قورنت بعدد سكان إنكلترا (51 مليون نسمة) وويلز (3 ملايين)، أو من خلال مقارنتها بمعدلات الاعتداء الجنسي في دول أخرى. لكن المخيف في الأمر أن الأرقام المسجلة رسمياً قد تكون مجرد رأس جبل الجليد. إذ توضح جمعية «أن أس بي سي سي» التي تُعنى برعاية الأطفال، أن أبحاثاً أجريت في الفترة الأخيرة أظهرت أن قرابة 24.1 في المئة من البريطانيين في سن الشباب بين عمر 18 و 24 سنة، عانوا خلال فترة طفولتهم من سوء استغلال جنسي (بطريقة مباشرة أو غير مباشرة) على يد شخص بالغ أو أحد كبار السن. وتظهر الأبحاث أن واحداً من بين كل عشرة أطفال (بين 11 سنة و17 سنة) تعرّض لسوء استغلال جنسي خلال العام الماضي وحده، بما في ذلك نسبة مرتفعة على الأخص بين الفتيات اللواتي يبلغن ما بين 15 سنة و17 سنة. وتُظهر الدراسة أن 11.3 في المئة من الشبان (18 – 24 سنة) تعرضوا لسوء استغلال جنسي مباشر (من خلال الاتصال المباشر مع غيرهم) خلال فترة طفولتهم. وثلثا حالات الاعتداء (65.9 في المئة) على الأطفال قام بها أشخاص يبلغون 18 سنة وما دون. وتكشف الأرقام أيضاً – وهنا مكمن الخطر - أن كثيرين من الذين تعرضوا لسوء استغلال جنسي لم يقدموا شكوى ضد الذين اعتدوا عليهم. فقد تبيّن أن واحداً من بين كل ثلاثة أشخاص، اي حوالى 34 في المئة من الأطفال الذين تعرضوا لاستغلال جنسي مباشر على يد شخص بالغ، لم يخبروا أحداً بما حصل معهم.