بنغازي - ا ف ب - انتقد ناشطون سياسيون ليبيون وأعضاء في عدد من منظمات المجتمع المدني ما وصفوه ب «الإعلان المباغت والمفاجئ» عن بداية تسجيل المرشحين والناخبين في أول استحقاق انتخابي وطني في ليبيا يفضي إلى انتخاب أعضاء المؤتمر الوطني العام (الجمعية التأسيسية). وكانت المفوضية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني العام حددت الفترة من مطلع الشهر الجاري وحتى الرابع عشر منه لاستقبال الناخبين في مراكز التسجيل، فيما حددت الفترة من الأول من الشهر نفسه وحتى الثامن منه لقبول المرشحين من الأفراد والكيانات السياسية. وكان رئيس المفوضية نوري العبار أعلن أول من أمس في مؤتمر صحافي في طرابلس إن 330 الف ليبي سجلوا اسماءهم للانتخابات المقررة الشهر المقبل منذ بدء عملية التسجيل. وقال ناشطون في بيان أمس: «لم يتم الإعلان في فترة كافية عن هذه الإجراءات قبل بدايتها، وحتى مراكز تسجيل الناخبين لم تبدأ إلا في اليوم الثاني من موعدها، والإعلان لم يصل للمواطنين كافة». ورأوا أن «فترة ثمانية أيام غير كافية لتقديم المرشحين لملفاتهم، خصوصاً مع شروط المفوضية على المرشحين لتوفير مسوغات صعبة الاستخراج في هذه الفترة». واشترطت المفوضية على المرشحين لتسجيلهم «تزكية من 50 ناخباً، وتسليم نسخة أصلية من شهادة الميلاد أو الوضع العائلي للمرشح، وإيداع مبلغ 500 دينار غير قابل للإرجاع في حساب المفوضية، وتعبئة نموذج هيئة النزاهة والوطنية»، فيما أسقطت شرط شهادة الخلو من السوابق. واعتبر البيان ان «مبلغ ال500 دينار سيشكل حاجزاً أمام فئة كبيرة من ابناء الشعب ويتيح الفرصة للأغنياء وميسوري الحال من دون الفقراء والمعسرين»، وهو ما اعتبروه «منافياً لأهداف ثورة السابع عشر من فبراير التي أسقطت نظام القذافي ومبادئها». وطالب البيان «بتمديد مدة تسجيل المرشحين والناخبين وتبسيط الإجراءات وتخفيض المبلغ المالي الى متناول المواطن العادي او الغائه». واضاف ان «المؤتمر الوطني العام هو الخطوة الأولى نحو الدستور، واي خلل في انتخابه سيترتب عليه خلل في ذلك الدستور». ويستعد الليبيون لأول استحقاق انتخابي تشهده البلاد منذ نحو 60 عاماً، إذ سيقومون بانتخاب المؤتمر الوطني العام نهاية الشهر المقبل لتضع هيئته التأسيسية دستور ليبيا الجديدة بعد أكثر من أربعة عقود من حكم معمر القذافي. وسيتولى المؤتمر الوطني إدارة البلاد لمرحلة انتقالية جديدة. من جهته، أعلن النائب الأول لرئيس المفوضية العليا للانتخابات محمد العماري أن «عملية تسجيل الناخبين تسير بطريقة جيدة». وقال: «أتوقع بأن العدد النهائي للمسجلين سيفوق التوقعات». وأضاف أن «هناك إشكالية في تسجيل المرشحين الافراد ومرشحي الكيانات السياسية، إذ فاجأهم إعلان موعد بدء التسجيل، وهم بالتأكيد في حاجة إلى مزيد من الوقت للتجهيز واستكمال إجراءات الترشح». واعتبر أن «مدة الاسبوع قد لا تكفي لتسجيل المرشحين، وبالتالي فإن الكثير من الخيرين لن يتمكنوا من التسجيل في المدة المحددة». وأوضح: «مما زاد الأمر تعقيداً للمفوضية العليا للانتخابات ومرشحي الكيانات السياسية هو صدور قانون الأحزاب وقانون الكيانات السياسية في ثاني أيام التسجيل، ولا أحد يعلم مدى تأثير القانونين على عملية الترشح، ولا أدري لماذا لم ينتظر المجلس الانتقالي حتى انتهاء فترة تسجيل المرشحين، وبعدها يمكنه إصدار القوانين». من جهته، قال رئيس المفوضية نوري العبار إن «في الإمكان تمديد فترة تسجيل الناخبين إلى ما بعد تاريخ 14 ايار (مايو)»، لكنه اعترف ب «صعوبة تمديد تسجيل المرشحين لارتباطه بفترة انتهاء الطعون وهيئة النزاهة والشفافية وطباعة بطاقات الاقتراع عن طريق الأممالمتحدة». وأضاف: «نقر بالتأخير في إطلاق العملية الانتخابية وتسجيل الناخبين والمرشحين، لكننا ندافع عن قرارنا بضرورة الالتزام بتاريخ الاستحقاق المقبل». وينص الإعلان الدستوري الموقت الذي وضع خلال الثورة التي اطاحت نظام القذافي، على اجراء انتخابات المؤتمر الوطني العام بعد ثمانية أشهر من اعلان التحرير الذي تم في 13 تشرين الاول (اكتوبر) 2011. ولفت العبار إلى أن الخطة الأمنية التي وضعتها وزارة الداخلية لتأمين الانتخابات لم تكتمل، وقال إن «أي زعزعة امنية او اختراق في دائرة الانتخاب والتسجيل من شأنه أن يؤدي إلى تجميد عمل الدائرة من دون التأثير على انتخابات ليبيا». وكشف أن ثلاث جهات دولية تقدمت حتى الآن بطلبات لمراقبة الانتخابات، وهي الاتحاد الأوروبي و «مركز كارتر» و «المعهد الوطني الديموقراطي» الأميركي. وأوضح أنه يوجد 1350 مركز تسجيل في انحاء ليبيا بينها 220 مركزاً في العاصمة طرابلس. وسيخصص 13 مركزاً لتسجيل المرشحين. وأضاف ان عدد السكان 6 ملايين، بينهم 3.4 ملايين شخص يحق لهم الاقتراع. وحدد قانون الانتخابات 13 دائرة رئيسة لانتخاب 200 عضو في المؤتمر الوطني العام، وخصصت الحكومة موازنة تقدر بنحو 140 مليون دينار (أكثر من 100 مليون دولار) لتنظيم أول انتخابات بعد سقوط نظام القذافي.