لا يعترف كثر بالموسيقى الإلكترونية نمطاً موسيقياً مبتكراً، إلا أنها تلقى رواجاً كبيراً في أوساط شبابية واسعة، خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي التي أتاحت أمام أنماط موسيقية غير تقليدية فرصة الانتشار في شكل غير مسبوق. يرى موريس لوقا، وهو عازف ومؤلف موسيقى إلكترونية، أن الموسيقى الإلكترونيّة في المنطقة العربية اكتسبت أخيراً نكهة ثورية، ليس فقط في المفهوم، بل في الإطار الشكلي أيضاً. «فهذا النهج من التعبير الموسيقي قادر بحِرَفية بالغة على تبني أيّ آلة موسيقيّة أو أي صوت محتمل وإعادة صوغه وتطويعه وبلورته ليضج بالأفكار والرؤى والمواقف التي تخاطب عقل الإنسان وضميره ووجدانه». يؤكد لوقا، مؤسس فرقة «بيكا» وأحد أعضاء فرقة «ألف»، أن الموسيقى الإلكترونية تولد من رحم الأجهزة «فتتوالد حرية النغم المطلقة»، ويمكن من خلال ذلك ابتكار أنواع الموسيقى من جانب الإنسان الموهوب بالطريقة التي يراها، فالإبداع في هذا النوع من الفنون هو الأساس، إذ يجب أن ينبثق من شخص لديه أذن موسيقية مميزة ومقدرة على الابتكار وتطويع الآلات». يعرّف لوقا مشروعه الموسيقي بأنه مختلف الأنماط التي تمتدّ على طول «طريق الارتجال»، فهو يبحث عن زوايا جديدة لاستكشاف نهج بديل للموسيقى العصرية التي تتفجر طاقة وتعبيراً عبر التلاعب بتسارع النغم، إذ يمكن أن يصل النغم إلى أقصى حدود السرعة أو على العكس إلى أقصى حدود البطء، ما يتيح الفرصة للتعبير بقوة عن المشاعر أو المفاهيم المراد التعبير عنها. ويجد هذا الفنان متعة حقيقية في تركيب الأصوات والإيقاعات ومؤثرات الصوت والبيانو من دون إخلال بالتوافق الهارموني، بفضل تمكنه من العزف والسيطرة على قوة الصوت الإلكتروني ونجاحه في المزج بينه وبين مختلف الآلات. وهو يعرّف موسيقاه الإلكترونية بأنها «رحلة الأنغام في حلة عصرية»، إذ يستطيع المؤلفون الموسيقيون إيجاد أصوات إلكترونية بوساطة وسائط إلكترونية تحتوي على صمامات تفريغ أو ترانزستورات، بحيث يمكن تجميع أنواع كثيرة من الأصوات، كما يمكن إنتاج أصوات أصلية. وتركز الموسيقى الإلكترونية على هذه الأصوات أكثر من تركيزها على تقليد أصوات الموسيقى التقليدية. وعن مدى تفاعل الشباب مع ما يقدمه من موسيقى، يوضح أن «الأنغام في حلّتها النهائية تروق الشباب الذين يستمعون إليها في مختلف الساحات والأماكن غير التقليدية». قدم لوقا حفلة مميزة استضافها المعهد الفرنسي في الإسكندرية وحضرها جمع كبير من الشباب، في إطار مهرجان «أفقي»، وقدم فيها عدد كبير من مقطوعات مشروعه الفردي الذي عني فيه بالتنقيب والبحث عن مقطوعات أعاد ابتكارها على طريقته ليظهر فيها خياله الجامح الممتد على طول «طريق الارتجال»، وفق تعبيره. يذكر أن لوقا مؤلف وعازف موسيقى إلكترونية مصري، صدر له ألبوم بعنوان Garraya، ووضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام، منها «صوت من الممرات» (Sound from the Hallways) للمخرج لاسي لاوه، والذي يعرض حالياً في لشبونة. وشارك أخيراً مع المؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي خيّام اللامي في «مشروع الألف» الذي جال في بريطانيا. كما ساهم مع الموسيقي والمؤلف مصطفى سعيد في وضع موسيقى العمل المسرحي «دروس في الثورة».