أسفرت «معركة تحرير مدن القلمون» التي اطلقها مقاتلو المعارضة شمال دمشق الى تدمير حواجز للجيش التظامي السورية ومقتل عناصر من القوات الحكومية و «حزب الله» والاستيلاء على معدات ثقيلة مقابل سقوط 50 مقاتلاً معارضاً، في وقت انسحب تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) من ثلاث قرى في شمال شرقي البلاد، الامر الذي اعاده «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الى «انتفاضة» عشيرة سنّية ضد التنظيم. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان الاشتباكات استمرت امس «بين الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة ومقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة من جهة، وقوات النظام وقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني من جهة أخرى في منطقة الجبة في جرود القلمون، ما أدى الى استشهاد ثلاثة مقاتلين من الكتائب الإسلامية». من جهته، أفاد «مكتب القلمون الاعلامي» ان «معركة تحرير مدائن القلمون» التي اطلقها مقاتلو المعارضة ادت الى «تدمير 4 نقاط لقوات (الرئيس بشار) الأسد على أطراف بلدة الجبة، هي: المزة، مضايا، قوس الجبة، والمزابل. كما تم تدمير 4 دبابات كانت موجودة داخل هذه النقاط وقتل العشرات من قوات الأسد وحزب الله». وأشار الى ان الفصائل المشاركة في المعارك هي «احرار الشام» و «جيش الاسلام» و «كتائب الصقور المحمدية» و «جبهة النصرة» و «الفرقة 11 قوات خاصة» و «لواء الغرباء» و «لواء الحبيب المصطفى» و «كتائب أحرار القلمون» و «تجمع شهداء حوش عرب» و «كتائب أسود السنة». وقال «المرصد» ان اربعة من القتلى الذين سقطوا في الجبة، هم من عناصر «حزب الله». وكان مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن قال في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»: «قتل ما لا يقل عن 50 عنصراً من الدولة الاسلامية وجبهة النصرة في مكمن متقدم نفذته قوات النظام السوري وحزب الله في منطقة الجبة في جرود القلمون» الواقعة الى الشمال من دمشق. وأدت المعارك الى مقتل سبعة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين له، بينهم عنصران من «حزب الله». كما اسقط المقاتلون امس بنيران رشاشتهم الثقيلة، طائرة حربية تابعة لسلاح الجو السوري. وأكد مصدر امني سوري ل «فرانس برس» ان مجموعات مسلحة «حاولت ليل (اول من) امس التسلل من الاراضي اللبنانية باتجاه جرود القلمون، وتصدت وحدات من الجيش لهذا التسلل وتمكنت من قتل اعداد كبيرة منهم». ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر عسكري قوله ان عملية التسلل تمت من جرود عرسال (في شرق لبنان)، وهي بلدة ذات غالبية سنية متعاطفة مع المعارضة السورية، وتتشارك حدوداً طويلة مع القلمون. وسيطرت قوات النظام و «حزب الله» على غالبية مناطق القلمون منتصف نيسان (أبريل) الماضي. الا ان المعارك تجددت في المنطقة منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي. ويقوم العديد من المقاتلين الذين لجأوا الى جبال القلمون بعد انسحابهم من البلدات والقرى، بتنفيذ عمليات مباغتة على مواقع وحواجز للنظام و «حزب الله». وارتفعت حدة هذه المعارك منذ الاسبوع الماضي. ويقدر «المرصد» عدد المقاتلين الذين لجأوا الى جرود القلمون بنحو اربعة آلاف مقاتل، بحسب ما قال عبدالرحمن. ويسعى المقاتلون للحفاظ على مواقعهم والإبقاء على حرية التنقل والامداد عبر المناطق الجبلية الوعرة والمعابر غير الشرعية. وذكر ناشط سوري على اتصال بالمجموعات السورية المقاتلة في القلمون ل «فرانس برس» في وقت سابق، ان جرود عرسال تشكل مكاناً «للاستراحة وتجميع القوى» بالنسبة الى هذه المجموعات، اضافة الى ممر للادوية والمواد الغذائية والسلاح الخفيف، والجرحى الذين يسقطون في المعارك. وبعد ظهر امس، شهدت عرسال توتراً إثر تطويق مسلحين حواجز للجيش اللبناني على اطراف البلدة اثر توقيف السوري عماد احمد جمعة، بتهمة الانتماء الى «جبهة النصرة»، بحسب مصدر امني لبناني. وقال مسؤول محلي ان المسلحين يطالبون «بالافراج عن الموقوف». وبين دمشق والجولان المحتل، اندلعت «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة ومقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الاسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة اخرى في محيط قرية مجدولية بريف القنيطرة الاوسط، بالتزامن مع قصف عنيف من قبل قوات النظام على المنطقة». وكان لافتاً استخدام مقاتلي المعارضة صواريخ «تاو» اميركية الصنع المضادة للدروع. وفي حلب، قال «المرصد» ان 11 مقاتلاً معارضاً قتلوا على الاقل في معارك متواصلة منذ فجر الجمعة جنوب غربي المدينة. ويحاول مقاتلو المعارضة «التقدم باتجاه حي الراشدين وضاحية الاسد في جنوب غرب حلب، من مناطق في الريف الغربي لقطع طريق امداد النظام» بين وسط البلاد وحلب. وقالت شبكة «شهبا نيوز» المعارضة ان «الثوار تمكنوا من تحرير موقع تابع للاستخبارات العسكرية في الضاحية المقابلة للأكاديمية العسكرية في الحمدانية، بعد اشتباكات عنيفة خاضها الثوار ضمن غرفة عمليات المغيرات صباحاً». وتشهد حلب معارك يومية منذ صيف عام 2012، ويتقاسم النظام والمعارضة احياءها، اذ تسيطر القوات النظامية على الأجزاء الغربية، في مقابل سيطرة المعارضة على الاجزاء الشرقية. في شمال شرقي البلاد، انسحب مقاتلو تنظيم «الدولة الاسلامية» من ثلاث قرى في محافظة دير الزور في شرق سورية اثر معارك مع عشيرة سنّية، وفق ما افاد «المرصد» وأضاف ان «مقاتلي التنظيم انسحبوا من قرى ابو حمام والكشكية وغرانيج التي تسيطر عليها عشيرة الشعيطات السنية. وزاد ان «افراداً في العشيرة احرقوا المباني التي كان يشغلها مقاتلو التنظيم في قرية رابعة». وبدأت المعارك الثلثاء بعدما اقدم التنظيم على اعتقال ثلاثة من أبناء عشيرة الشعيطات في بلدة الكشكية في ريف دير الزور، «متجاوزين الاتفاق الذي تم بين التنظيم وأبناء عشيرة الشعيطات والذي نص على تسليم الأسلحة لداعش والتبرؤ من قتالها مقابل عدم التعرض لأبناء هذه البلدات»، وفق ما اورد المرصد. ورداً على ذلك، شن مسلحون عشائريون من بلدات الكشكية وأبو حمام وغرانيج التي يقطنها مواطنون من أبناء عشيرة الشعيطات فجر الاربعاء هجوماً على دورية للتنظيم في بلدة أبو حمام، وعلى مقر لتنظيم «الدولة» في بلدة الكشكية. وقال «الائتلاف» المعارض انه «يحيي ثوار العشائر في دير الزور وينحني أمام الانتصارات التي يحققونها لتحرير البلاد»، مذكراً بأنهم «طالما كانوا السباقين للانتفاض في وجه الظلم على مر التاريخ، ويؤكد الائتلاف أن أي انتصار يحققه السوريون لا يمكن أن ينسب إلا لحرية سورية وكرامتها ورفعتها». وأضاف: «إن الثوار الذين رفعوا شعار «الموت ولا المذلة» في وجه نظام ارتكب أفظع الجرائم في العصر الحديث لن يقفوا مكتوفي الأيدي بوجه الجرائم التي يرتكبها اليوم تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل يومي بحق الشعب السوري».