أحيت الفرقة السمفونية العراقية حفلة في قاعة وزارة الثقافة في بغداد، لمناسبة مرور 63 سنة على تأسيسها، في موازاة معرض فوتوغرافي يستعرض تاريخ الفرقة التي تعدّ من أقدم الفرق من نوعها في المنطقة، إذ أسسها أساتذة وطلبة من معهد الفنون الجميلة «جمعية بغداد الفلهارمونيك» كفرقة وترية، وقدّمت نشاطات موسيقية كثيرة بمشاركة عازفين أجانب. وفي الذكرى الألفية لمدينة بغداد والفيلسوف الكِندي، العام 1962، أعلنت كفرقة متكاملة بعدما انضمت إليها أسماء لامعة من معهد الفنون الجميلة ومدرسة الموسيقى العسكرية وبعض الموسيقيين الأجانب الذين كانوا يدرسون الموسيقى في المعاهد العراقية. وقاد الفرقة خلال تاريخها الطويل موسيقيون مهمون، مثل الروماني ساندو ألبو، والألماني سكفيريد شتولده، والدنماركي ايرلنغ هوي. في الحفلة الأخيرة، قدمت الفرقة مقطوعة بعنوان «ليلة على الجبل الأجرد» للروسي موديست موسورسكي (1839–1881) وهو أحد الموسيقيين الخمسة الكبار الذين انتهجوا الحفاظ على الخصوصية الموسيقية الروسية بالاعتماد على الأدب والأساطير الروسية. تعد افتتاحية «ليلة على الجبل الأجرد»، المأخوذة عن رواية للكاتب الروسي غوغول، من أهم الأعمال الموسيقية التي كتبها موسورسكي، وأدّتها الفرقة السمفونية العراقية في إتقان لافت، بقيادة محمد أمين عزت. وبعد «الدانوب الأزرق» ليوهان شتراوس، و «كتيبة الخيالة» لفرانس سوبيه 1819 بقيادة الموسيقار عبد الرزاق العزاوي، الذي قدم بعدها سمفونية للوتريات من تأليفه، قاد الموسيقار علي خصاف الفرقة في عزف عمل تراثي للموسيقي المتخصص في التراث روحي الخماش وهي «سماعي عجم»، لتختتم الحفلة بمقطوعة «سيريناد» لفرانز ليست. تكمن أهمية حفلة الفرقة السمفونية العراقية في أن أعضاءها عراقيون، ومن أجيال مختلفة، فتكاملت أخيراً، بعدما كانت الحروب شرّدت الكثير من المواهب الموسيقية في المنافي. والأهم من ذلك هو الأداء الرفيع للسمفونيات والمقطوعات الموسيقية التي قدمت بمهارة عالية ودقة ورهافة جعلت الجمهور يظن أنه أمام اوركسترا غربية.