مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في الجزائر الخميس المقبل، برزت معركة على هامش الحملة الانتخابية انخرط فيها دعاة دين، وهي مرشحة لأن تستقطب كيانات ومؤسسات دينية أخرى لتقوية أحد «المعسكرين»، الداعي إلى المشاركة في الاقتراع أو الداعي إلى مقاطعته. وفي وقت دعا رجال دين محسوبون على الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة وقادة تنظيم «القاعدة» إلى مقاطعة التصويت، أعلن داعية جزائري مقيم في السعودية، أمس، أن الجزائريين مدعوون إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات «من أجل صنع مستقبل زاهر وتفويت الفرصة على المتربصين بالجزائر». ويبدو أن انخراط علماء دين وجمعيات إسلامية في توصيف الانتخابات المقررة الخميس بين المشاركة والمقاطعة، يتجه ليصبح ظاهرة بارزة في الأيام القليلة الأخيرة من الحملة الانتخابية. واستنكر قادة محسوبون على «جبهة الإنقاذ» التي دعت إلى المقاطعة، «فتوى» صدرت عن الشيخ شمس الدين بوروبي واعتبرت الاقتراع واجباً. وتحدث بوروبي في فتواه عن الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي الذي يدعم «ثورات الربيع العربي»، وقال إن «الدوائر الاستعمارية لا تنتظر إلا عزوف الناس عن التصويت لتخرج بفكرة تحرير الشعب الجزائري من الديكتاتورية، وبالتالي يتدخل حلف الناتو كما حصل في ليبيا». وقال بوروبي أيضاً إن «الانتخاب في اقتراع العاشر من أيار (مايو) واجب لعدة أدلة، منها أن الانتخابات استشارة وشهادة، والله يقول: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)، ومنها قاعدة «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب». وهذه الأمور لا تتأتى إلا بمشاركة الناس في الانتخابات». ويشير منتقدون لمثل هذه الفتاوى، إلى أنها تستعير مفهوم التحذير من «التدخل الأجنبي» من خطابات الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ولذلك فهم يقولون إنها تبدو مستوحاة من قراءات سياسية. ودخل الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، المدرّس في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، أمس، على خط الجدل في شأن الاقتراع، إذ دعا الشعب الجزائري إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات. وجاء في نداء وجهه إلى الشعب الجزائري ونشرته وكالة الأنباء الجزائرية، أنه يحض الجزائريين على الحفاظ على كرامة وطنهم وعزته. وتابع النداء: «أبنائي، إخواني الكرام في الجزائر وخارجها، أجدادكم وآباؤكم دفعوا الغالي والنفيس من أجل كرامة الجزائر وعزتها، فحافظوا على هذه الكرامة والعزة التي صنعوها بدمائهم الطاهرة وأن تكونوا في الموعد الهام للمشاركة في الانتخابات التشريعية يوم 10 أيار (مايو) 2012 لصنع مستقبل زاهر لجزائرنا وتعزيز الشهامة الجزائرية المعروفة ورسمها». ولم تغفل هيئات تمثل «الزوايا» موعد التشريعيات، إذ قالت «الرابطة الجزائرية للزوايا» إنها تدعو إلى «المشاركة الواسعة في الانتخابات التشريعية المقبلة، لتفويت الفرصة على الأصوات المهددة بالتدخل في الشأن الداخلي الجزائري». وأوضح محمد بن بريكة الناطق باسمها، أن «الرابطة» لا تدعو إلى «التصويت على فلان أو علان». وتتمتع «الزوايا» بحظوة كبيرة في الساحة السياسية، وهي برزت بشكل لافت مع تولي بوتفليقة سدة الحكم. ولم تفصح «جمعية العلماء المسلمين» حتى الآن عن رأيها صراحة من المشاركة أو المقاطعة. وسئل رئيسها عبدالرزاق قسوم عن موقفها، فأجاب أن الجمعية لا تدعو إلى أي من الخيارين، مؤكّداً التزام الجمعية الحياد التام خلال الانتخابات التشريعية.