في خضمّ الحرب النكراء التي تُشنّ على غزّة الفلسطينية، تأتي رواية الكاتبة والمناضلة سامية عيسى «خلسة في كوبنهاغن» (دار الآداب، 2014) لتُعيد السؤال عن الهوية الفلسطينية، أو الأصحّ عن الذات المهددة بالضياع بعد اتساع دائرة الشتات. فالروائية التي اشتغلت كثيراً من أجل قضية شعبها (مقالات، تحقيقات وكتابات إبداعية) لا تنقل معاناة الفلسطينيين المهددين يومياً بالموت داخل أراضيهم المحتلة، بل تتأمّل في الأوضاع المعيشية والأبعاد النفسية لفلسطينيين دفعتهم ظروف الاحتلال إلى ترك بلادهم ليجدوا أنفسهم ضحايا العنصرية والتهميش في مخيمات وفي أماكن كثيرة من العالم. تعرض رواية «خلسة في كوبنهاغن» شخصيات كثيرة تتباعد في الجغرافيا، وإنما تتلاقى في أحاسيسها ومشاعرها، فيغدو الحبّ وحده الرابط والمكوّن الذي يصلهم بأرضهم ويحفظ ذاكرتهم من النسيان. يستعيد عمر مثلاً ذاكرته حين يتجلّى له وجه حبيبته على شكل وميض، بينما يختار حسام، الواقع في غرام امرأتين، منى لأنها هي من يحل الوجدان الفلسطيني العميق، ومن ثمّ يبحث عن رابط عبر الإنترنت كي يحوّل الشتات إلى مساحة ثرية للتلاقي من أجل تجديد حلم العودة. هذه الرواية هي الثانية للكاتبة سامى عيسى عن دار الآداب البيروتية بعد رواية «حليب التين».