اتهمت الحكومة السودانية أمس جيش دولة جنوب السودان باحتلال ثلاث مناطق، منها اثنتان متنازع عليها على حدود البلدين، من أجل فرض «أمر واقع» في المنطقة. وقالت وزارة الخارجية السودانية في شكوى جديدة الى الاتحاد الافريقي إن الجيش الجنوبي احتل قرية في منطقة بحر العرب تقع شمال حدود الجنوب وليست منطقة متنازعاً عليها، كما احتل الأحد الماضي منطقة كفن دبي في دارفور وهي منطقة حدودية متنازع عليها، واحتل أيضاً الثلثاء منطقة كافيا كنجي المتنازع عليها ذلك. واتهمت الخرطوم دولة الجنوب باستمرار دعم المتمردين الشماليين في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق «ضمن مخطط ادامة الحرب وزعزعة الأمن والاستقرار على طول الشريط الحدودي» بين البلدين. وجاء ذلك في وقت أعلنت الخرطوموجوبا استعدادهما للعودة إلى طاولة المحادثات لتسوية القضايا العالقة المتصلة بفك الارتباط بين الدولتين، من دون شروط مسبقة، وسط خلاف في مجلس الأمن في شأن صيغة مشروع قرار أميركي ينتظر أن يتبناه المجلس غداً لتحديد خريطة طريق تنهي النزاع بينهما. وقال مسؤول رفيع المستوى في جوبا عاصمة الجنوب إن حكومته أبدت مرونة في استئناف المحادثات مع الخرطوم، وأبلغت مجلس الأمن باستعدادها وقف العدائيات بين البلدين لكنها شددت على ضرورة توفير ضمانات دولية لتطبيق أي اتفاق يمكن التوصل إليه. وقال كبير مفاوضي حكومة جنوب السودان باقان أموم إن المجتمع الدولي لا ينفذ التزاماته الخاصة بحل النزاع بين بلاده والسودان، ودعا الأممالمتحدة إلى نشر قوات لحفظ السلام على الحدود بين الدولتين. وفي المقابل قال مسؤول رئاسي في الخرطوم ل «الحياة» إن حكومته نقلت إلى دول دائمة العضوية في مجلس الأمن منها الصين وروسيا أنها لا تمانع في معاودة المحادثات مع الجنوب لمناقشة القضايا العالقة ولكنها تتمسك بحسم الملف الأمني قبل الانتقال إلى القضايا الأخرى المتصلة بترسيم الحدود والنزاع على منطقة أبيي والنفط والتعاون التجاري والاقتصادي والمياه، مشيراً الى أن تحقيق اختراق في الملف الأمني سيفتح الطريق أمام معالجة الملفات المتبقية. وذكر أن الخرطوم أعربت عن مخاوفها ازاء مشروع القرار الاميركي الذي يناقشه مجلس الأمن لإنهاء النزاع بين دولتي السودان، موضحاً أن 19 قراراً أممياً صدرت بحق السودان خلال العقدين الماضيين وقفت وراء غالبيتها واشنطن كانت «متحاملة» على حكومته وشملت «عقوبات غير مبررة». وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن السودان أعلن استعداده لبدء التفاوض مع جنوب السودان لتسوية النزاع بينهما، وكشف بعد محادثات مع وزير الخارجية السوداني علي كرتي في موسكو أول من أمس عن موافقة الخرطوم واستعدادها لتنفيذ مطالب مجلس الأمن فى حال امتثلت جوبا ايضاً المطالب ذاتها. ورحب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ بقبول جنوب السودان خريطة الطريق تبنتها المنظمة الافريقية في 24 نيسان (ابريل) الماضي وخصوصاً الوقف الفوري للأعمال العدائية مع السودان وسحب جهاز الشرطة فوراً في أبيي واستئناف المفاوضات، مشيراً إلى أن ذلك سيساهم بشكل كبير في الجهود الرامية إلى نزع فتيل التوتر بين دولتي السودان. إلى ذلك حذّر البرلمان السوداني حكومته من التهاون في معالجة قضية ثلاثة من رعايا بريطانيا والنروج وجنوب أفريقيا بالاضافة الى ضابط سوداني جنوبي اعتقلهم الجيش السوداني قرب منطقة هجليج النفطية السبت الماضي واعتبرهم جواسيس، رافضاً أي اتجاه لتسليمهم الى دولهم في إطار تسوية سياسية. وقالت الحكومة السودانية إنها سمحت لممثلي الدول الثلاث بلقاء رعاياها الذين يخضعون لتحقيق في شأن دخولهم السودان ووجودهم في منطقة هجليج. وتحدثت تقارير رسمية عن ضبط أجهزة ومعدات عسكرية بحوزة الأجانب الموقوفين وذكرت أنهم متخصصون على مستوى عال في المتفجرات وزراعة الألغام والكشف عنها. وفي تطور آخر فُسّر بأنه يمثّل دعماً من الخرطوم للمتمردين في دولة الجنوب، بث التلفزيون السوداني الرسمي تسجيلات مصورة قال إنها لدخول قوات «ثوار» جنوب السودان عدداً من المناطق في ولاية أعالى النيل الجنوبية المتاخمة للحدود السودانية، مؤكداً هزيمة «الثوار» للجيش الشعبي حول مناطق مدينة ملكال عاصمة الولاية. وأظهرت التسجيلات المتمردين على متن سيارات عسكرية يدخولون منطقة المابان وسط استقبال المواطنين الذين عبّروا عن فرحتهم بسيطرة «الثوار»، وعرض التلفزيون صور عدد من أسرى الجيش الجنوبي. وأظهرت التسجيلات قائد فصيل المتمردين ديفيد ياو ياو المنشق عن الجيش الجنوبي، والجنرال غوردون القائد العام لقوات المتمردين وسط جنوده عقب دخولهم لعدد من المناطق بأعالي النيل. من جهة أخرى، رفضت المعارضة السودانية قرار الحكومة بفرض الطوارئ على المناطق الحدودية مع دولة جنوب السودان ورأت أنه قرار انفعالي يضر بالتعايش السلمي بين القبائل الحدودية في البلدين. وقال حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي في بيان إن القرار الرئاسي بفرض الطوارئ «خاطئ» ووصفه بأنه جزء من «خطة حصار دولة الجنوب». على صعيد آخر، أصدر الرئيس السوداني عمر البشير مرسومين جمهوريين قضى الأول بقبول استقالة وزير الإعلام المهندس عبدالله علي مسار ونص الثاني على إقالة وزيرة الدولة للإعلام سناء حمد العوض من منصبها. وكان الوزير الذي ينتمي إلى حزب الأمة الوطني المنشق عن المهدي دفع باستقالته احتجاجاً على شطب وزيرة الدولة للإعلام القيادية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم قراراً اتخذه بإيقاف المدير العام لوكالة سونا للأنباء وإحالته على التحقيق بعد اتهامه بالتلاعب في أموال المؤسسة الاعلامية الرسمية. وبدا أن البشير أراد أن يعكس عدم انحيازه الى الوزيرة التي تنتمي إلى حزبه. كما أصدر البشير قراراً بتعيين وزير السياحة والآثار غازي الصادق وزيراً للإعلام خلفاً للوزير المستقيل مسار، والمسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني حسبو محمد عبدالرحمن وزيراً للسياحة.