ربما هي موهبة فطرية، أو مهارة مكتسبة، لا يهم، ما يهم هو القدرة على الوصول الى النتيجة. ستفاجأ من قدرة بعض من تعرفهم أو من لا تعرفهم على تسويق أنفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا يتتبعه 12 ألفاً، وذاك يتتبعه 61 ألفاً، وهذا الطالب الجامعي الذي لم يتجاوز عمره 23 عاماً استطاع أن يكسب 32 ألف متتبع أو متابع، والطرق متنوعة. سباق الحصول على أكبر عدد من المتتبعين في «تويتر» مثلاً، يشبه إلى حد كبير أساليب الحملات الانتخابية، سواء في المجالس الطلابية في الجامعات أو في الانتخابات البلدية، أو للظفر بمقعد في البرلمان. ربما كان التعبير الأكثر ملاءمة في هذه الحال هو «بروفا حملة انتخابية»، فالأساليب المتبعة للتسويق لصفحة أو شخصية ما تتنوع وتبتكر، لكن الشرط الرئيسي أن تمس أحد اهتمامات الناس وبعض شرائح المجتمع. وكما السياسة بكواليسها و «زواريبها»، يظهر أن «تويتر» و»فايسبوك» سلكت زواريب «مشابهة»، وكما يلحّن السياسيون المعارضون عادة على هموم ومشكلات الناس، ويعزفون على جراحهم وحاجاتهم، كما هي العادة، فإن الطريقة ذاتها «ذات سحر» في مواقع التواصل الاجتماعي، فما عليك سوى الانتقاد بجرأة أو مهارة، وأحياناً مع قليل من «خفة الدم»، لتبدأ توسيع دائرة «المتابعين»، وربما هي الطريقة الأسهل، لكنها ستبقيك في الصف الثاني، وربما تستطيع الوصول إلى أرقام تجر بعدها أربعة أو خمسة أصفار. طريقة ثانية ممكن أن تضخم شعبيتك التويترية، خصوصاً في السعودية، وهي تناول الشأن الرياضي، وإثارة نقاشات ساخنة بنكهات التعصب والإشاعات، لتستطيع أن تحظى بأسرع شعبية تصاعدية ممكنة، لكنك كذلك لن تستطيع أن تصل إلى مصاف نجوم الصف الأول. نشر الأخبار والمقالات مع استمرارية وانتقائية تحملان نَفَساً لتيار أو أيديولوجيا ما يعد طريقة جيدة لحصد متابعين أكثر، فكل من يوافقك الرأي أو التوجه، سيرحب بأن يضغط على أيقونة «FOLLOW» بسهولة. وإذا لم تكن من متابعي الأخبار، ولم تصادق الرياضة، فالطريق لم يُسَدّ بعد، فعالم «الرومنسيات» والشعر والنثر والغزل والوجد والوله له جمهوره أيضاً، وإن كان بشكل أقل من سابقاتها، لكنك ستضمن آلاف المتتبعين ذوي الولاء. كل هذه الطرق والتوجهات والأساليب تمسي نسياً منسياً مقارنة بنجوم التيارات الدينية، فعدد المتتبعين لهم بمئات الآلاف وربما بالملايين، ففي السعودية يتربع الداعية محمد العريفي على قمة قائمة الأكثر متابعة في «تويتر» بأكثر من 1.4 مليون متابع، يليه الداعية سلمان العودة، ويأتي ثالثهم الداعية عايض القرني، في حين يأتي إعلاميون ورياضيون في المراتب الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة. لم تعد الشهرة مهمة صعبة في العقد الثاني من الألفية الثالثة، يتكرر المشهد والشعور كثيراً في الفترة الأخيرة، لتكتشف بعد شهر أو شهرين أنه بات معروفاً على نطاق واسع، وربما استضيف في نشرات الأخبار، وبرامج الحوارات، إنه يشبه إلى حد ما ذلك الشعور عندما تسمع أو تقرأ عن شخصية للمرة الأولى، وبعد سنتين أو ثلاثة تكتشف أن هذه الشخصية، سواء كانت فناناً... ممثلاً.. مطرباً، أم خليطاً، بات نجماً وربما تخطى ذلك إلى «نجم نجوم». إنه ذلك المشهد الذي تسمع فيه حواراً مقتضباً عن شخصية لا تعرفها بين صديقين، او ترى وجهاً على قناة تلفزيونية لا تعرف عنه شيئاً باستثناء اسمه الظاهر في زاوية الشاشة، سواء كان في نهاية أغنية أم شارة مسلسل. مواقع التواصل الاجتماعي صنعت مشاهير جدداً، معظمهم من الشباب.. أو بعبارة أدق، هناك من الشباب من استخدم «فايسبوك» و «تويتر» لصناعة شهرة أو إعادة تسويق نفسه للناس، خصوصاً مع الأدوات التي يوفرها هذان الموقعان، خصوصاً على هوامش عواصف الأحداث المحلية أو السياسية في العالم العربي. لقد خلقا فرصة جديدة لكل شخص ليعيد اكتشاف ذاته من جديد، لكن بشرط أن يجعلهما جزءاً من حياته، وربما يجعل حياته جزءاً منهما!.