دلالات الذكرى.. ولاء وانتماء    سفارات المملكة تحتفي باليوم الوطني    مكتب وزارة الرياضة بمكة يحتفل باليوم الوطني    قطبا القصيم يواجهان جدة وأبها    2200 خدمة توثيق بكتابة العدل الافتراضية    احتفالات المدارس.. برامج وفعاليات وتوثيق منجزات    مأساة.. المخرج الأشهر لأعمال كاظم وماجدة وأصالة.. عاجز في دار المسنين !    التلاحم والاعتزاز والثقافة السعودية.. حديث العالم    استخدام «القصدير» في الطهي يهددك بالسرطان !    5 أسباب تجعل خسارة الوزن أصعب بعد الثلاثين    كأس الملك .. الاتحاد يفوز على العين بثلاثية ويتأهّل إلى دور ال16    كأس الملك .. الهلال يتغلّب على البكيرية ويتأهّل لدور ال16    مانشستر سيتي وتشيلسي يصعدان لدور ال16 في كأس الرابطة الإنجليزية    الكِتاب.. سياجنا    ريال مدريد يهزم ألافيس ويقلص الفارق مع برشلونة المتصدر إلى نقطة    «هيئة الطرق» توضح الأوزان والأبعاد النظامية للشاحنات في كود الطرق السعودي    التأمين.. أسهل !    طائرات موسم الرياض    الكهموس من اجتماع الصين: تعاون وطني ودولي لملاحقة الفاسدين وتعقب أموالهم    احتفال أهالي المدينة المنورة في يوم الوطن    ربما يصفقون لنتنياهو مرةً أخرى    ويسألونك لماذا تكره الشعوب مليشيات حزب الله    الصقور قِيَم وهوية    كأس الملك .. الجبلين يتغلّب على الفتح بهدفين ويتأهل لدور ال16    الصبر وصل مداه..!    فعاليات متنوعة في احتفالات مدارس جدة باليوم الوطني ال 94    ذكرى عزيزة    هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024    الأنظار تتحول من غزة إلى لبنان    وداع بايدن في الأمم المتحدة مع احتمال عودة ترمب للسلطة    احتفالات ترسم البهجة على أهالي وزوار جازان    سعود بن بندر: كلنا فخر واعتزاز بإنجازات الوطن    الملك يشكر قادة الدول على مشاعرهم وتمنياتهم الطيبة للمملكة في يومها الوطني    محافظ الزلفي: حق لنا أن نفخر أننا سعوديون    أمير القصيم: نعتز بإنجازات في ظل قيادة حكيمة    البنوك الآسيوية.. ودورة خفض الفائدة    المملكة تسلّم 40 منزلًا لمتضرري الزلزال في مدينة الباب بمحافظة حلب السورية    فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة جازان يحتفل باليوم الوطني 94    إخلاء ونزوح ..إسرائيل وحزب الله يخوضان حربا دامية    مشمش وشوكولا يحميان قلوب الكبار    محافظ الزلفي يطلق برنامج نماء وانتماء    أكثر من 1000 متطوع ومتطوعة يصممون تشكيلا بشريا لخريطة المملكة بجادة بيشة    أمانة الشرقية تحتفي ومنسوبيها باليوم الوطني 94    وزير الصناعة والثروة المعدنية يطّلع على أحدث التقنيات المالية في بورصة نيويورك    النائب العام: تتواصل المسيرة بعزيمة راسخة لتحقيق الرؤية    أطعمة تناولها مجمدة أفضل للصحة    الصندوق العقاري يودع مليار وخمسة ملايين ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر سبتمبر    نائب أمير جازان يشهد المسيرة الوطنية ويرعى حفل أهالي المنطقة بمناسبة اليوم الوطني    هيئة العقار: قرب انتهاء المهلة المحددة للتسجيل العيني الأول للعقار ل8 أحياء بالرياض    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    لأمم المتحدة تختتم قمة المستقبل من أجل بداية جديدة للتعددية    الشارع الثقافي يتوهج    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    « تزييف عميق» لمشاهير الأطباء يهدد حياة المرضى    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - المشرق العربي بلاد اللاجئين
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2012


الاثنين 23/4/2012: لغة الأرض
الجرافات تغيّر معالم هذه الأرض، تسوّي تضاريسها وتقطع شرايين الينابيع. أرض فقدت نباتاتها البرية وطيورها المقيمة. أرض خضراء مثل ملعب غولف، حيث النبات مجرد لون ومدى. نبات بلا رائحة تبتعد عنه الفراشات.
وسكان هذه الأرض فقدوا ارتباطهم بها، مثل عابرين تتفتح عيونهم دهشة، مثل سياح. سكان يمارسون القطيعة الثقافية ونموذجهم صاحب مطعم أو مقهى أو ملهى. سكان بلا شعر ولا مسرح ولا فولكلور، مشاعرهم بلاستيكية وموسيقاهم أيضاً، يتبعون الآلة، لا تتبعهم، وينقلون صور الآخرين بعدما فقدوا صورتهم، ربما الى الأبد.
صارت الأرض خرساء. كانت تعلمنا اللغة فكيف يكون الآن كلامنا؟
كل كتابة، كل مشافهة، إنما تنطلق من الأرض، أساسها، لتبني كياناً أدبياً أو فنياً. كيف لصاحب مقهى أن يجد ذاته بعدما غاب الحكواتي، وصار الزبائن مجرد غرباء حول الطاولات، يجمعهم عقد تجارة، عقد حب، عقد سياسة، وسائر العقود العابرة.
وهذه الأرض، لبنان، تخضع كل عقد من السنين، كل عقدين، لاحتلال ثقافي. يتقن السكان لغة الغالبين ولكن، بلا حرارة وبلا إبداع.
لبنان الأرض غائب، ولا جواب لمن يسأل: ما لغة هذه الأرض؟ ما لغة أهلها؟ لماذا يتكلمون مثل وافدين من كوكب آخر؟
قد نعزو السبب الى العولمة. ولكن، لماذا تسقط العولمة علينا مثل نيزك يحطم ويحرق، ولا تهطل مثل مطر يحيي؟
الثلثاء 24/4/2012: انتصار الصورة
تربح مصر حرب الصورة منذ مئة سنة، فهي تحضر في السينما أكثر من حضورها في الواقع. يرى أهلها أنفسهم على الشاشة ولا يحتاجون مرآة في البيت. مصر الضاربة في فرعونية وإغريقية ومسيحية وإسلامية، يتجلى عمقها الحضاري في حياة المواطن اليومية، طمأنينته المدهشة التي لا تجد سنداً في الواقع، هدوءه الذي يتناقض مع صخب الجموع، ثقته بالغد على رغم انسداد الطرق.
صورة مصر تنقذها من مغامري السياسة والإيديولوجيا ومن وحوش الاقتصاد. ولأن الضربة الموجهة الى الصورة قاتلة، يدافع الشعب كله عنها، ربما أكثر من صانعيها السينمائيين، بل ان لعنة الصورة بدأت تصيب أحزاباً تستند الى غفلة ملايين، حتى إذا مُست صورتهم نفضوا عنهم الغفلة وسطوة قادة يقولون ما لا يفعلون ويمارسون في مصر سلوكات غريبة عن أهلها وجذورهم المعروفة جيداً.
ليس عادل امام الذي يطارده بالدعاوى محامون محدودو الأفق، مجرد ممثل مشهور، انه أحد رموز الصورة المصرية، وهو بهذا المعنى أكثر شعبية من المرشحين لرئاسة الجمهورية ومن أحزاب أشبه بشركات سياسية اقتصادية عقائدية.
بل ان سفارة الصورة المصرية ممثلة بفيلم يسري نصرالله الجديد «بعد الموقعة» في مهرجان كان السينمائي، هي أعمق دلالة من سفارات لا تعرف شيئاً عن مصر الدولة والثورة في مرحلة ارتباك الكلام السياسي وتشوشه.
يتنافس فيلم «بعد الموقعة» مع 21 فيلماً آخر على جائزة السعفة الذهبية في «كان»، ويقول مخرجه الصديق يسري نصرالله: «تمر مصر اليوم بمرحلة صعبة تعاني خلالها من ازدراء للثقافة، بما فيها السينما، في ظل قيود دينية وعسكرية. ومن شأن اختيار «كان» هذا الفيلم الذي تم إخراجه بحرية، بعيداً من تلك القيود جميعها، وعرضه على الصعيد الدولي، أن يحفز المثقفين المصريين، كما ان ترشيح الفيلم أعطى زخماً للجميع إذ أكد مجدداً على أحد مطالب الثورة الرئيسية، وهو الحاجة الى الحرية».
الأربعاء 25/4/2012: الجدار
فرنسيون كثيرون، ومعهم أوروبيون أيضاً، يؤمنون بفكرة الجدار العازل، يريدونه عند حدود أوطان هي ثمرة دماء وأفكار وأحلام.
ليس المقصود صراعاً بين الدول الأوروبية على حدودها، انما التفاتة الى ان الأجانب المتوطنين يخرقون هذه الحدود معنوياً حينما يرفضون الحد الأدنى المطلوب للاندماج، ويفرضون ثقافة يراها الأوروبيون صالحة، ربما، في أمكنة أخرى، وليس في بلادهم. أليس ملفتاً أن النروجي اندريس بريفيك قاتل العشرات من المواطنين في بلده، يؤكد في المحكمة استعداده لارتكاب مزيد من الجرائم المماثلة، معتبراً الأمر احتجاجاً على وجود مهاجرين غرباء أعطتهم الإدارة صفة المواطنة. ومرافعة بريفيك أقرب الى بيان عقائدي منها الى دفاع مجرم عما ارتكبت يداه.
انها أمراض العولمة، ولنقل مصاعب السير في طريق العولمة، حين يكمن عدو الديموقراطية في الديموقراطيين أنفسهم، ويبقى التسامح حبيس دوائر النخب الضيقة، فيما تترك الجماهير الى دفاعاتها الغريزية، حيث تختلط الوطنية المتطرفة بالليبرالية المتوحشة بكراهية الآخر الذي لا يشبهنا.
ويتفاقم المرض عندما يتصرف المهاجرون مثل غزاة ثقافيين، ويعيشون يومياً أسرى وقائع تاريخية مضت وانقضت، يقيسون عليها سلوكاتهم، مستنهضين، قصداً أو عفواً، عصبيات السكان الأصليين.
إنه الجدار يحمي ثقافتنا، أو هكذا نتوهم، ويمنع عنا شرور التبادل مع الآخر المختلف.
جدار الثقافة من مصاعب العولمة، وهو دعوة تؤدي الى الاختناق، على الأقل.
الخميس 26/4/2012: بلاد اللاجئين
المشرق العربي بلاد اللاجئين. بدأ الأمر بلبنانيين وسوريين ابتعدوا الى مصر والقارة الأميركية للنجاة بأنفسهم من الاستبداد والتخلف والفقر، واستمر بأشوريين وأكراد عند زوايا الحدود الإيرانية العراقية التركية السورية، واستفحل بنكبة فلسطين التي هجّرت مئات الآلاف لتنشأ دولة اسرائيل باعتراف الأمم المتحدة.
لكن الدول العربية المستقلة لم تبخل بدور في التهجير، مدفوعة بتسلط الحكم أو سطوة جماعات على غيرها داخل الوطن الواحد، بحيث بدا المشرق موزعاً على دول لم تستكمل قوامها، وعلى مجتمعات لم تقتنع بحدود دولها فبقيت داخل جدران الأقوام والطوائف.
وزعت وكالات الأنباء تحقيقاً عن اللاجئين العراقيين اليوم في سورية، في حين يغادرها كثيرون من أبنائها لاجئين الى دول الجوار. هكذا تكتمل صورة اللجوء المركبة في مشرقنا الذي يعج بلاجئين الى داخل الوطن أو الى خارجه، في فلسطين ولبنان والعراق وسورية.
وليس اللجوء مجرد هرب من عنف الآخر، انه في حالات مشرقية كثيرة لجوء ثقافي، وتعبير عن أزمة تكوين الدولة في مجتمعات متعددة منذ فجر التاريخ، يطلب منها اليوم الانضباط التام، وهي ترفضه تاريخاً وحاضراً، ربما حتى الموت وليس فقط حتى اللجوء.
الجمعة 27/4/2012: بلا حب
الحب عالياً، ولا سبيل الى نجمة، حتى إذا قدّر لي الوصول احترقت.
الحب عميقاً، يحفرون ليكتشفوا امرأة من حجر، ليست تلك التي أحب.
والحب قريباً، يشغلني عنه الانكفاء في الحلم، طارداً الحبيبة الى مبعدة أمتار وأشواق.
بلا حب، حتى تنتصر ثوراتهم أو يرحل حكامهم أو تستقبلنا الأبدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.